الأربعاء، 6 مايو 2015

الانتحاري المفخخ وعقد الاغتصاب في الطفولة والحلم بالجنة الخالدة



الانتحاري المفخخ وعقد الاغتصاب في الطفولة والحلم بالجنة الخالدة




تشير دراسات مختلفة أن نسبة كبيرة من المُغتَصبين نكاحيا في طفولتهم يتحولون الى مقترفين ومنتقمين عند بلوغهم .  في نسبة الاناث تتحول العدائية الى النفس بالانتقام من الذات تأنيبا  للضمير بطريق التدمير الذاتي كالتدخين المفرط والخمر والمخدرات والحبوب المهدئة , وفي الذكور يتحول العداء الى تدمير النفس أيضا لكنه يتميز عن الاناث  الى التعدي على الاخرين وسعي نحو تخريب كأنتقام لما حصل للمقترف في طفولته, ولكل قاعدة شواذ فالفتاة ايضا قد تحمل بذور الانتقام كالرجل والرجل ايضا قد يتقاعس وينطوي على ذاته بتدميرها وهذه نسبة قليلة .



أغلب عمليات الاغتصاب النكاحي للاطفال تتم عن طريق أقاربهم وذويهم , وليس حتما أن تكون الممارسات الشائنة عملا جنسيا ( نكاحيا) كاملا , بل هي قد تكون مجرد مداعبات نكاحية وقد تبقى كذلك ولكن تأثيرها يكون مخلا بشخصية الطفل ايضا ولكن أقل درجة من العملية الكاملة( الاغتصاب).




في المجتمعات المغلقة المتسترة بالدين كالمجتمع السعودي مثلا وليس حصرا , يحمل المعتدي والمقترف لاعمال الاغتصاب وهو يكون ( الاب , الاخ الكبير , العم , الخال ) هيبة العائلة وستر الدين وحصانة تجعل ادانته أمرا مستحيلا, فلا تستطيع الضحية ( الطفل المغتصب) ابداء أي معارضة او استهجان فينشأ يحمل شخصيتين متناقضتين ,شخصية تقدس وتحترم الكبير وفقا لتعاليم المجتمع, وفي آن واحد شخصية تحتقر الكبير المقترف وتبغضه  لتعديه  ولتدميره لشخص الطفل البرئ,  وتنمو تلك الشخصيتين مع الطفل المُغتَصب اثناء بلوغه فيصبح متدينا ورعا يحتررم الكبير  في جانب من شخصيته وفي الجانب الاخر هناك ميوله النكاحية الشاذة وبغضه لعائلته وذويه, وينشا من جراء ذلك صراع ممض داخله وهو يصارع هواجسه وميوله ورغباته وهي تصطدم بتعاليم العفة والطهارة والتدين حتى يكره نفسه ويكره جسده المدنس بالخطيئة ويكره عائلته وذويه الذين تركوه لوحده يواجه شر المقترف , وقد يصل الحال في صراعه ذلك  الى الانتحار والتخلص من جسده المحمل بالقذارة بطريقة الحرق كصب الزيت على الجسم وحرقه كما يحصل عند الفتيات للتخلص من عار الخطيئة فيقمن بحرق اجسادهن في سعي يائس نحو تطهير الدنس والخطيئة, وفي الذكور قد تمنع الطبيعة العدوانية  الانتحار السلبي وقتل النفس , فتقوم  بمزج طريقة تطهير الجسد بعدوانية على الاخرين انتقاما  كما في حالات الانتحاريين والمفخخين .



من الممكن وبسهولة  توظيف عوامل مساعدة ومعجلة للانتحار ومعجلة لتدمير النفس والانتقام من  الاخرين في الشخصيات المهشمة , وهذه العوامل المساعدة يستخدمها امراء التفخيخ في المنظمات الارهابية لتجنيد المغرر بهم من المفخخين , ومن تلك العوامل المساعدة  اضفاء الشرعية الدينية على عملية الانتحار بتلقين الضحية -مباشرة  أو بصورة غير مباشرة - أن عملية الانتحار ستخرجه من هذا العالم المتناقض وستخلصه من جسده القذر وستجعله يحقق حاجاته الملحة في الانتقام من الاخرين بقتلهم جماعيا وكأنه ينتقم من بني الانسان المترفعين عليه لشذوذه ودنائته, وفي نفس الوقت ستدفعه عملية الانتحار الى عالم الروح والطهارة والعفة ورضا  من الخالق الذي ينظر اليه بعطف ورحمة لما عانى في طفولته من ظلم واعتداء , وسيكون جزاءه في العالم الاخر غفرانا كاملا لذنوبه ( ومن ضمنها ذنوبه اثناء تعاطيه المحرم مع اقاربه  فيما مضى) وجنة عرضها السماوات والارض ورغبات نكاحية لايستطيع العقل ان يطوق مداها اللامتناهي في عالم الخيال الجامح . ولا ننسى أن تلك الرغبات النكاحية التي لوثت طبيعته السوية في طفولته جعلته اسيرا لها عند بلوغه فلم يستطيع فكاكا من استحضارها واستحضار متعتها الممنوعة والمرغوبة معا طوال حياته, تلك الرغبات المحرمة والتي عانى من وطئتها في حياته  ستصبح بعد تفجيره لنفسه حلالا طيبا في العالم الاخر وليس بينه وبينها سوى سحب أمان القنابل المفخخة في سيارته , انها لحظة قصيرة ولكنها ستطفر به الى عالم الخلود .



يضيف امراء الارهاب ايضا عوامل مساعدة اخرى وغير مباشرة  لتجنيد الانتحاريين  ومنها : الانتماء الى الجماعة والشعور بالامان بالانضواء تحت راية جماعة تعوض للمنتمي  معاناة النبذ والتهميش في حياته التي عانى فيها من عقد الاغتصاب في الطفولة وعقد العزلة والخنوع , فالمفخخ الانتحاري يدرك أنه بانتماءه الى الجماعة الارهابية اصبح محاطا بأصدقاء مخلصين يفوقون بأخلاصهم له اخلاص عائلته واقاربه الذين اغتصبوه في طفولته وشوهوا روحه وجسده, فلا يخالف أي أمر يخرجه من نعمة الانتماء هذه واذا كان الانتحار مرضيا لعائلته الجديدة فأنه كذلك دواء روحه وجسده الملطخ بالعار وجسر نحو حياة جديدة نظيفة خالدة فيها ما  لم يخطر على قلب بشر.



للتخلص من عقبة جريمة الانتحار التي تحرمها الاديان , لجأ المنظرون الارهابيون الى تأويل الانتحار وزخرفوه وجعلوه دفاعا عن المنظمة الارهابية وفداء لاعضاءها وهو لايفرق حسب تعليلاتهم عن الاستشهاد في سبيل الله في مقاتلة الكفرة والمارقين , بل هو كما يقولون أكثر تأثيرا ونتائجه أفضل واسرع من القتال والمواجهة, وإذن يتم تجنيد الانتحاري بحساب كافة النتائج والايجابيات التي يخلقها المنظر الشياطني ومع كل عوامل الرغبة في الانتحار للتخلص من العار والحلم بالوصول الى عالم نظيف خالد ممتع , وفوق ذلك اليأس والفشل التي يعاني منه الانتحاري في حياته سواء أكان مهاجرا غريبا في بلاد الغرب يعاني من عقد ورغبات لايستطيع تحقيقها أو مواطن في بلاد العرب والمسلمين يعاني من فقر ويأس من تغيير.



 لم ينسى المنظرون الدجالون أن يضيفوا طبقة آخيرة لبناء الشخصية الانتحارية وتلك الطبقة الاخيرة هي المخدرات! فبواسطة المخدر والمهدئ وعقاقير الهلوسة يحطم الانتحاري جدار الخوف الفطري من الموت ويتخيل نفسه أقوى من الاخرين وانه ضد الموت والرصاص فينطلق نحو هدفه مخدرا , وإذا كانت المخدرات وعقاقير الهلوسة محرمة واثمهما أكبر من منافعهما كما يذكر القرآن الكريم , فأن ذلك يعني وجود منافع للمخدر ومن تلك المنافع تناوله من قبل  الانتحاري التفخيخي لتسهيل مهمته, ويضيفون لذلك أن أجر الاستشهادي العظيم يمحو كل خطيئة وذنب في هذا العالم القصير , فلا عجب أن نسمع ونرى أن الانتحاري الفلاني قبيل انتحاره كان يتعاطى المخدرات وأن الجماعة الارهابية الفلانية ليلة تنفيذها عمليتها كانت في مبغى ليلي وكما هو معروف على سبيل المثال أن كاميرات المراقبة في مرقص كانت قد  صورت انتحاري عملية برج نيوورك وهم في مبغى ليلي قبيل تحطيمهم للطائرة في برج نيويورك.



أن نظرة الباحث المتفرس في وجوه الانتحاريين في أفلامهم التي يعرضونها قبيل عمليات انتحارهم تكاد تجزم من تعبيرات وجوههم ونظرات أعينهم أنهم اصحاب شخصية غير سوية أوصلها التهشيم الاجتماعي والاغتصاب الى سحق معالم الانسانية في تلك الشخصية و الى درجة من اللامبالاة نتيجة القهر والفشل والعجز على حل المتناقضات في الاراء الدينية والمذهبية ,  قهرا أمام المقترفين والمغتصبين وفشلا في مواجهة الحياة وقساوتها , وعجزا عن استرداد حق الحرية والشرف الذي سلبه المجتمع ولوثه تناقض الدين مع الحياة, فلا مهرب إلا الى الموت فبعده حياة أبدية طاهرة نظيفة لاتعب فيها ولانصب.



لايفوت أن نتذكر أنه في حالة الحرب المشروعة تكون الامور مختلفة وإذا ما قدم الجندي نفسه قربانا في سبيل وطنه وامته ودينه في مقاتلة الاعداء فأن ذلك أمرا طبيعيا ينم عن الايثار اللامحدود ونبل لايناله إلا صاحب النفس الانسانية المرتقية والمستنيرة, أما أن يقوم الانتحاري الارهابي المفخخ بتفجير جسده في وسط أناس في سوق أو مقهى او بيت عبادة فإن ذلك يدل على خسة في النفس ودناءة في الخلق وجبن وغدر وهي صفات لا تنطبق على المجاهد المضحي بحياته من أجل الخير والعدل , فلا يقول قائل أن كل من قدم نفسه وضحى بحياته يحمل في نفسه عقد اوردته تلك الموارد , فقد يتشابه الفعل ولكن تختلف الغاية, والشيطان يلبس الامور على بني آدم فيغريهم بالباطل ويلبس عليهم الحق فتتشابه الافعال وتختلف النتائج ولاينجو الا من جعل الله تعالى غايته وأخذ موارد قيمه من امناء الله المعصومين في الارض , ولايستطيع الشيطان التقرب من قلب المؤمن الصادق المضطرم بحب الله تعالى ,  كالذباب والهوام التي لاتستطيع التقرب من القدر المغلي فمادام القلب يضطرم بمحبة الله ومحبة امناء الله في أرضه لاتدنو منه هواجس الشياطين .




مروان