الأحد، 13 أكتوبر 2013

14- رحيل النبي , وفاة أم أغتيال ؟ \ مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص)

الفصل الرابع عشر والاخير من كتاب مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص)
الفهرس:
 مقدمة,
المسلمون يحاولون اغتيال النبي في العقبة, من هم رجال عصبة الاغتيال في العقبة ؟
 أحد رجال عصبة الاغتيال يفضح نفسه,
التغطية على المشتركين في عملية الاغتيال,
 هل مات النبي بالسم؟
 الشراب المسموم,
المتآمرون يجنون ماخططوا , ويفوزون بالحكم.


-14-رحيل النبي (ص), وفاة أم أغتيال؟

 (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)(آل عمران 144)

تعرض النبي الكريم الى محاولات اغتيال عديدة كان أغلبها بتدبير قبيلة قريش وزعماءها من مثل أبوسفيان بن حرب وغيره .ذكرت كتب السيرة  تلك المحاولات التي خطط لها كفار قريش, ولم يجد المؤرخون حرجاً في تفصيل ذلك ولم يخش المؤرخون سلطة الخلفاء من كتابة تلك المحاولات, بل على العكس  كان ذكرمحاولات الاغتيال التي قام بها مشركو قريش وباقي العرب واليهود يوحي للناس أن المشركين واليهود هم فقط الذين كانوا وراء محاولات الاغتيال تلك وليس غيرهم ! لكن النبي تعرض الى محاولات اغتيال اخرى كانت بتدبير المسلمين أنفسهم , ذكرت كتب السيرة نتفاً من تلك المحاولات ولم تذكر الاشخاص وتكتمت عن التصريح واكتفت بتلميحات يسيرة فصلتها كتب اخرى خارجة عن سلطة الدولة. ان سبب تكتم بعض كتب السيرة عن ذكر اسماء المسلمين الذين حاولوا اغتيال النبي لايحتاج الى محقق جنائي لادراك ذلك التكتم ! فالاشخاص الذين خططوا لاغتيال النبي في أيامه الاخيرة هم الذين تسدوا مناصب الامارة والسيادة في الدولة التي أقامها النبي محمد(ص)  واغتصبوا الخلافة ونالوا مايريدون , فقد كانت مصلحة الجناة التعجيل برحيل النبي كي يرثوا دولة كاملة وجاهزة, ولم يقدر المؤرخون والكتاب الذين عاشوا تحت تسلط أولئك الحكام ذكر تفاصيل الاغتيال تلك وأكتفى بعضهم بالتلميح , ويعود الفضل في اكتشاف جناة محاولات الاغتيال تلك الى حصافة المحققين الذين جمعوا النتف والتلمحيات من كتب التاريخ والسيرة ,ليظهروا الصورة كاملة  ويبينوا لنا من هم الذين أبرموا تلك الخطط. ومن معجزات القران أن ايات الكتاب أشارت الى اولئك المخططين, ولم يجد الذين اغتصبوا سلطة الدولة سوى تأويل تلك الايات وتفسيرها بشكل يخالف ما اوحت به تلك الايات , ولو تسنى لهم أن يمحوا من كتاب الله  مايقدروا لمحوا مايحلو لهم .
 ومن تلك الايات التي تتحدث عن اغتيال النبي وقتله , اية 144 من سورة آل عمران  (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم) , حيث تبين الاية  أن قتل النبي موضوع وارد وقد يحصل ( أفإن مات أو قتل) ,فاحتمال موت النبي قتلاً ليس من المستحيلات , واذا كان القرآن قد تحدث أن الله سبحانه سيعصم النبي من الناس كما في الاية (يا أيها النبي بلغ ما أنزل أليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدي الكافرين) (المائدة57) فأن العصمة كانت فاعلة حتى إتمام تبليغ الرسالة كاملة , ثم تأتي آية ( اليوم أكملت لكم دينكم.....)( المائدة3) , فبعد تبليغ  الرسالة للناس وإكمال الدين وإتمام النعمة يبقى موضوع قتل النبي أو وفاته محتمل الوقوع كما بينت اية ال عمران, وإن كانت أغلب كتب السيرة تلقي تفسيراً غامضا حول وفاة النبي وتتطرق بحذر الى احتمال وفاته مسموماً وذلك بتأويل آيات عصمة الله له من الناس , حيث يخلط جمع من الكتاب بين اية ( والله يعصمك من الناس ) وبين آية ( أفإن مات أو قتل) فمرة يقولون أنه معصوم عن القتل حسب اية والله يعصمك من الناس, وأخرى يتحدثون عن أمكانية وفاته بالقتل والسم, وفاتهم ان أية العصمة هي كانت لحفظه حتى يبلغ رسالة الخلافة وقد مربنا  تفسيرها في فصل نظام الحكم , وبقي أحتمال موته قتلاً  أحتمالاً واردا وليس مستحيلاً بل مؤكدا. إن ترجيح وفاة النبي وفاة  طبيعية يصب في مصلحة  الجناة لرفع تهمة الاغتيال عنهم !
إن سبب محاولات المسلمين لاغتيال النبي هوالطمع  بتسدي امارة الدولة التي أقامها النبي في الجزيرة العربية, فالذين حاولوا أغتيال النبي من المسلمين ونجحوا في ذلك لاحقاً, علموا من أحاديث النبي (ص) ومن خطبه أنه في أواخر أيامه , وأنه على وشك الرحيل الى العالم الاخر فأرادوا أن يعجلوا من رحيله كي يتسنى لهم أفساد وصيته بالخلافة لعلي بن أبي طالب ,ويتسنى لهم اغتصاب السلطة ليستحوذوا على دولة كاملة جاهزة تحكم الجزيرة العربية ولها من الزخم والقوة ما سيمكنها من التسلط على أقوى دولتين في تلك الازمنة وهي دولة فارس ودولة الروم. انه حلم لا يصل اليه العربي انذاك  في أبعد تخيلاته قبل ظهور النبي محمد (ص) وقبل انتصار الدين الجديد, لكن ذلك الحلم البعيد قد يصير حقيقة بعد موت النبي, فالنبي اوجد دولة كبيرة تسيطر على الجزيرة العربية وهي دولة قابلة للتوسع, فما أعظم  الحصول على ذلك  للعربي الذي كانت غاية أحلامه تزعم قبيلة, ولكن بقتل النبي يتمكن الطامع وعشيرته من حكم العرب. من البديهي أن الطامع في تسدي خلافة النبي لابد أن يكون من الذين كانوا قريبين للنبي, فليس للاعرابي المسلم الذي يعيش بعيدا عن النبي حظ في ذلك, وهذا السبب يرشد الباحث الى الجاني والطامع في اغتيال النبي(ص) , فالجناة  يعيشون مع النبي وبالقرب منه وهم الذين سعوا للحصول على السلطة وانتحال خلافته . من المهم ذكر أن اليهود حاولوا قتل النبي بواسطة السم أكثر من مرة ,وفي أحد المرات  سمموا ذراع شاة واهدوها له وعرف النبي(ص) ان الذراع المطبوخة كانت مسمومة فلم يأكلها , ان محاولة الاغتيال اليهودية تلك لها علاقة باغتيال المسلمين للنبي , ولذا من الضروري المرور عليها  وذكر تأثيرها في الروايات التاريخية. لقد ضخًّم المؤرخون محاولات أغتيال اليهود للنبي(ص) فغطت على محاولات المسلمين وصار المسلم في الماضي وفي عصرنا الحاضر يعرف نتفاَ غامضة عن محاولات اليهود لاغتيال النبي ,  ولايعرف شيئا عن باقي الروايات التي قام بها المسلمون .

المسلمون يحاولون أغتيال النبي في العقبة
في منطقة تدعى العقبة تقع بين المدينة والشام حدثت محاولة من محاولات أغتيال النبي, وقد حدثت الحادثة بعد غزوة تبوك, وعندها كانت الدولة التي أقامها النبي محمد(ص) تسيطر على  معظم الجزيرة العربية والأمور مستتبة وليس للطامع سوى قتل النبي ليسيطرعلى دولة كاملة لم تكن قبل ذلك في عهد الجاهلية سوى مدن وواحات متفرقة. يمر النبي(ص) وهو في عودته من غزوة تبوك في مسارعلى حافة جبل عال وكان حينها راكباً راحلته ومعه فقط إثنين ممن يثق من الصحابة وهما عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان . كان مسار النبي في حافة الجبل ليلاً, وقال لجنوده بأنه سيتخذ ذلك الممر الضيق لوحده وحثهم على السير في بطن الوادي من حول الجبل بدلا من السير معه على حافة الجبل شديد الانحدار ,فكانت فرصة سانحة للخونة الذين  خططوا لاغتياله, فهجموا عليه وغايتهم هي تنفير ناقته لإسقاطه وناقته من حافة الجبل العالية نحو وادي العقبة لقتله, لكن عمار بن ياسر ضرب بمحجنه وجوه راوحلهم وكشفهم ضوء القمر وإن كانوا ملثمين, وعرفهم النبي(ص) وعرفهم كذلك عمار وحذيفة من دوابهم التي كانوا يركبونها, فخابوا وهربوا من انكشاف أمرهم وأفشل الله خطتهم تلك . وقال حذيفة بن اليمان للنبي ألا نقتلهم فقال النبي (ص) أنه لايقتل أصحابه, ثم جمعهم بعد ذلك وعاتبهم على مافعلوا فحلفوا له اغلظ الايمان انهم لم يكن في نيتهم قتله فتركهم(ص) ومضى في مسيره! كانت رحمة النبي العظيم  سببا في ذلك العفو, فطالما عفى عليه الصلاة والسلام عن أناس وتركهم أملاً منه في هدايتهم وتحققت الهداية لكثير من الذين عفا عنهم ولم يعنفهم, وقد يكون أيضا أن النبي (ص) عفا عن الذين خططوا لقتله أملاً منه في توحيد المسلمين في دولة الاسلام الفتية تلك, فالعقوبة الرادعة لاولئك المتآمرين قد تؤدي الى انقسام المسلمين بانضمام المنافقين والمتقلبين إلى تلك العصبة لوجود التعصب العشائري والقبلي, وهذا السبب الثاني يرجح أن تلك العصبة من الرجال لابد أن كانت من الصحابة المقربين ممن لهم علاقة مصاهرة وجيرة مع النبي وليسوا من الاعراب وعوام الناس, فعقوبة  صحابة مقربين سيخلخل المسلمين , وهذا ما يرجح سبب عفو النبي الكريم عنهم والتغاضي عن جريمتهم. ان النبي (ص) كما بيَّن في أكثر من مرة لا يعاقب الناس على النوايا , وإنما يعاقب على الاعمال , فلم يرضى أن يحاكم تلك العصبة على نية خبيثة نووها ولم يحققوا منها شيئاً. لنقرأ النصوص :
لقد خلد القرآن حادثة الاغتيال تلك في سورة التوبة حيث تقول الاية : ( يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) ( سورة التوبة, 74) لقد هموا بقتل النبي ولكنهم لم ينالوا ذلك, وتأمل قوله تعالى في بداية الاية ( يحلفون بالله ماقالوا) أي أنهم حلفوا بالله للنبي (ص) أنهم أبرياء بعد أن جمعهم وعاتبهم , ثم تذكر الاية أنهم كفروا بعد أسلامهم أي أنهم كانوا مسلمين أسروا الكفر وجهروا بالاسلام كذباً ونفاقاً.  وقد ذكرت كتب التفاسير هذه الحادثة ومنها مايلي من تفسير البيضاوي حيث يقول :
 ( وَهَمُّوا بما لم يَنالوا ، من الفتك بالرسول وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوك أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذ تسنم العقبة بالليل ! فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله، فهربوا) ( تفسير البيضاوي , ج3 ص 158)
وروى ابن كثير : (عن حذيفة بن اليمان، قال‏:‏ كنت آخذاً بخطام ناقة رسول وسلَّم أقود به، وعمار يسوق النَّاقة - أو أنا أسوق النَّاقة وعمار يقود به - حتَّى إذا كنَّا بالعقبة، إذا باثني عشر رجلاً قد اعترضوه فيها‏.‏ قال‏:‏ فأنبهت رسول الله فصرخ بهم فولّوا مدبرين‏.‏ فقال لنا رسول الله‏:‏ ‏‏هل عرفتم القوم‏؟‏‏ قلنا‏:‏ لا يا رسول الله قد كانوا متلثمين، ولكنا قد عرفنا الرّكاب
قال‏:‏‏هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة، وهل تدرون ما أرادوا‏ ؟‏‏‏ قلنا‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏أرادوا أن يزحموا رسول الله في العقبة، فيلقوه منها, قلنا‏:‏ يا رسول الله أولا تبعث إلى عشائرهم حتَّى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ ‏لا أكره أن يتحدَّث العرب بينها أنَّ محمَّداً قاتل لقومه، حتَّى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم‏‏‏.‏)( البداية والنهاية لابن كثيرج5 ص25)
لم يعاقب النبي(ص) أولئك العصبة لكنه عاتبهم على فعلهم كما  يروي الرازي في تفسيره
 (فقال (ص): قم يا فلان قم يا فلان حتى عدَّ اثني عشر رجلاً منهم ! فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت ، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا !  فقال: الآن ! أخرجوا . أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الإستغفار ، وكان الله أقرب إلى الإجابة . أخرجوا عني) ( تفسير الرازي ج10 ص 162), تأمل قوله : قم يافلان قم يافلان.. دون ذكر الاسماء وهذا من فعل المؤرخين وكتبة التاريخ الذين ارادوا التغطية على اولئك الرجال.
إن حذيفة بن اليمان عرف من النبي أسماء جميع المنافقين وحفظ تلك الاسرار الخطيرة ولم يطلع عليها أحد ألا من أئتمنه , وكان حذيفة  الشاهد على محاولة الاغتيال في العقبة وعرف جميع الذين اشتركوا في تلك المحاولة . وعرف المسلمون أن حذيفة عنده اسماء المنافقين لكنه كان يبقي ذلك سرا ربما حفاظا على حياته وربما توصية له من النبي (ص), ولم يكن حذيفة يصلي على المنافقين عند وفاتهم , فكان المسلمون يتأكدون من نفاق أي رجل بعد وفاته وذلك عندما  يتخلف حذيفة عن الصلاة على الميت , فيعرف الناس أن الميت من المنافقين!. أخرج الذهبي في ترجمة حذيفة بن اليمان مايلي: ( وكان النبيّ  قد أسرّ إلى حذيفة أسماء المنافقين ، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأُمّة)( سير اعلام النبلاء للذهبي ج2 ص361). وقال الامام علي في حذيفة ( ذلك رجل عُلم أسماء المنافقين , إن تسألوه عن حدود الله تجدوه بها عالما) ( الاحتجاج للطبرسي ج1 ص388)


  

من هم رجال عصبة الاغتيال في العقبة؟
روى احمد في مسنده قصة العقبة كما يلي :
(حدثنا : ‏‏يزيد ‏ ‏، أنبئنا ‏الوليد ابن عبد الله بن جميع ‏، عن ‏‏أبي الطفيل ‏ ‏قال : ‏‏لما أقبل رسول الله ‏‏من غزوة ‏ ‏تبوك ‏ ‏أمر منادياً فنادى أن رسول الله ‏أخذ ‏ ‏العقبة ‏ ‏فلا يأخذها أحد فبينما رسول الله  ‏يقوده ‏‏حذيفة ‏‏ويسوق به ‏عمار ‏إذ أقبل ‏رهط متلثمون ‏على الرواحل غشوا عماراً ‏‏وهو يسوق برسول الله ‏‏وأقبل ‏‏عمار ‏يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله  ‏لحذيفة ‏ ‏(قد قد )حتى هبط رسول الله , ‏‏فلما هبط رسول الله ‏‏ ‏نزل ورجع ‏عمار ‏‏فقال : يا ‏‏عمار ‏هل عرفت القوم فقال : قد عرفت عامة الرواحل والقوم ‏ ‏متلثمون ‏قال: هل تدري ما أرادوا قال الله ورسوله أعلم ، قال : أرادوا أن ينفروا برسول الله ‏ ‏ ‏فيطرحوه قال : فسأل ‏‏عمار رجلاً من ‏‏أصحاب رسول الله ‏ ‏‏فقال الرجل : نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب ‏ ‏العقبة ‏ ‏فقال : أربعة عشر فقال : إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعدد رسول الله ‏ ‏منهم ثلاثة, قالوا : والله ما سمعنا منادي رسول الله ‏‏وما علمنا ما أراد القوم ‏! ‏فقال‏ ‏عمار ‏أشهد أن  ‏الإثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. قال ‏الوليد ‏، ‏وذكر ‏أبو الطفيل ‏ ‏في تلك الغزوة أن رسول الله ‏ ‏ ‏قال للناس وذكر له أن في الماء ‏ ‏قلة ‏ ‏فأمر رسول الله ‏ ‏منادياً فنادى ‏‏أن لا ‏يرد ‏‏الماء أحد قبل رسول الله ‏‏فورده رسول الله ‏‏فوجد ‏رهطاً ‏ ‏قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله  ‏‏يومئذ.)( مسند أحمد ,حديث أبي الطفيل , رقم الحديث :22676) .
الملاحظ في الحديث  وفي باقي الاسناد أن الرجل الذي سأل عمارا وهو يشك في نفسه غير معلوم فهل كان صعباً على ناقل الحديث أو كاتبه أن يكتب من هو ذلك الرجل ؟ ثم أن ثلاثة من الذين كانوا مع مخططي الاغتيال حلفوا بالله أنهم لايعرفون شيئا عن خطة الاغتيال وهم الذين عنتهم الاية ( يحلفون بالله ماقالوا) من سورة التوبة التي تقدمت.
مخططو الاغتيال كان عددهم أربعة عشر الى خمسة عشر رجلاً ,وهذا يعني أن هناك تنظيم داخل المسلمين لقتل النبي محمد(ص) وليست العملية إعتباطية ! من هم أولئك الرجال ؟
لنقرأ هذه السطور الاتية ثم يأتينا الجواب بعدها. ان ناقل قصة الاغتيال عن حذيفة بن اليمان هو (الوليد بن عبد الله بن جميع) ,لنتذكر هذا الاسم جيداً في السطور القادمة.
يروي ابن حزم الظاهري المتوفي سنة (456 هجرية ) في كتابه المحلى رواية يذكر فيها حديث حذيفة  بن اليمان الذي كان مع النبي يقود راحلته ليلة العقبة . كان راوي حديث حذيفة بن اليمان هو الرواي وليد بن جميع, ووليد بن جميع هو ايضا رواي الحديث في مسند أحمد الذي مر بنا في السطور الماضية. ان وليد بن جميع نقلاً عن حذيفة بن اليمان يذكر أسماء  عصبة أغتيال النبي في العقبة ويعد منهم الخلفاء الثلاثة الاوائل ابوبكر وعمر وعثمان وكذلك طلحة بن عبيد الله  وسعد بن أبي وقاص, لكن هذه المعلومات الخطيرة أسدلت عليها الدولة الحاكمة الستائر ومحتها ولانجدها في عصرنا الحالي  في كتب التاريخ والحديث, ولكن بقيت  كنتف هنا وهناك تدل على تقصي تلك الاسماء ,ومن هذه النتف قول ابن حزم في كتابه المحلى حيث يقول مسقطاً حديث حذيفة ومتهما وليد بن جميع بالكذب والافتراء لانه ذكر أسماء الحكام والمتنفذين في الدولة! لنقرأ مايقول ابن حزم :
قال ابن حزم في المحلى:(وأما حديث حذيفة فساقط لأنه من طريق الوليد بن جميع وهو هالك، ولا نراه يعلم من وضع الحديث؟ فإنه قد روى أخباراً فيها: إن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أرادوا قتل النبي وإلقائه من العقبة في تبوك . وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن الله واضعه فسقط التعلق به)( المحلى لابن حزم ج 11ص 224, باب الحدود). إن أخبار الوليد بن جميع غير موجودة حالياً ,لكن كتاب المحلى لابن حزم ينقذ المحقق في  كتب التاريخ لاستخراج هذه النتفة النادرة , فنكران ابن حزم لرواية الوليد بن جميع بتعريفه لها خلَّدَ تلك المقولة ودل على وجودها وربما كانت موسعة وبتوضيح أكبر في كتب أندثرت .
إن طمع الخلفاء الثلاثة ( ابوبكر , عمر , وعثمان) في اغتيال النبي احتمال وارد, لأن الدافع لذلك هو المصلحة والتربع على عرش الحكم ,وهو ما تم بعد موت النبي كما تقدم في فصل (السقيفة وكيف تمت البيعة), فدافع الجاني هو ما سيجني وماسيُدر عليه من منفعة في فعله . أما أي رجل خامل الذكر من المسلمين ليس له طموح ولا قوة عشيرة فليس من مصلحته اغتيال النبي الا اذا منضما لعصبة توعده بمناصب ومكافئات بعد ذلك. وللتحقيق في حديث الوليد بن جميع نعرض ( الوليد بن جميع) على كتب الحديث وتراجم الرجال لنرى هل حقا هو من الكذابين كما قال بن حزم في المحلى ,لانه إذا كان كاذبا  فأن علم تراجم الرجال سيذكره ويذكر أكاذيبه لتمحيص الاحاديث والروايات التي رواها , وسنرى غير ذلك وليس هناك من يُكذب الرجل:
قال ابن حجر في تقييمه للوليد بن جميع  : (صدوق ويَهِمُ (يقع في التوهم) يرمى بالتشيع. روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي). ونقول أن الرجل روى عنه أئمة الحديث عند الجمهور ولو كان كذاباً لاسقطوه وسموه بالكذاب وابن حجر يقول فيه أنه (صدوق). (الإصابة  في تمييز الصحابة لابن حجر ج2ص286)
وقال الذهبي في الوليد بن جميع : (وثقه ابن معين والعجلي .وقال أحمد وأبو زرعة: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح الحديث .وقال المزي حدث عنه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات )(ميزان الاعتدال للذهبي  ج4 ص 337). واذن هو من الثقاة  وليس كذابا كما أدعى ابن حزم.
في كتاب تهذيب الكمال في ترجمة الوليد بن جميع : ( الوليد بن عبـدالله بن جميع الزهري الكوفي ، والد ثابت بن عبـد الله بن جميع ، وقد ينسـب إلى جدّه أيضاً . ثمّ نقل عن أحمد بن حنبل وأبي داود قولهما فيه : لا بأس . وعن يحيى بن معين : ثقة ـ وزاد مصحّح الكتاب حكاية الدارمي عن يحيى بن معين ذلك عن ابن محرز ، وزاد : مأمون مرضي ـ وكذلك عن العجليّ . وقال أبو زرعة : لا بأس به . وقال أبو حاتم : صالح الحديث . وقال عمرو بن علي : كان يحيى بن سعيد لا يحدّثنا عن الوليد بن جميع فلمّا كان قبل موته بقليل حدّثنا عنه . وذكره ابن حبّان في كتاب الثقات ، روى له البخاري في الأدب ، والباقون سوى ابن ماجة)( تهذيب الكمال للمزي ج7 ص474)
المصادر أعلاه جميعا تبرئ الرواي الوليد بن جميع من افتراءات ابن حزم الظاهري عليه, ولم يجد ابن حزم سوى تكذيبه واسقاطه لأن الوليد بن جميع أورد أسماء الذين أرادوا أغتيال النبي محمد(ص) في العقبة وكانت تلك أسماء الصحابة الذين تسدوا مناصب الخلافة والامارة بعد وفاة النبي. إن ابن حزم الظاهري يكذب الرواي بعد أربعمائة سنة من حادثة الاغتيال فكيف ياترى سيكون رواي الرواية في السنين القريبة من وفاة محمد( ص) والدولة قائمة بأيدي المتنفذين ممن ذكرهم الوليد بن جميع؟ حتماً سيكون التعتيم أقوى ولابد أنه محيت معلومات خطيرة وأحرقت كتب كتلك التي لاتتماشى مع سيادة الدولة وتلك التي تشير الى الجناة الذين حاولوا قتل النبي لابعاد وصي الخلافة علي بن أبي طالب عن الحكم و للاستحواذ على دولة كاملة قوية .

 أحد رجال عصبة الاغتيال يفضح نفسه!
بعد فشل عملية الاغتيال , يدور حديث بين أحد رجال عصبة الاغتيال وبين حذيفة بن اليمان الذي عرفه النبي (ص) بالمنافقين و بعصبة الاغتيال, لنقرأ الرواية بصبر وتأني:
(عن أبي الطفيل قال خرج رسول الله (ص) إلى غزوة تبوك فانتهى إلى عقبة فأمر مناديه فنادى لا يأخذن العقبة أحد فان رسول الله (ص) يسير يأخذها وكان رسول الله (ص) يسير وحذيفة يقوده وعمار بن ياسر يسوقه فاقبل رهط متلثمين على الرواحل حتى غشوا النبي فرجع عمار فضرب وجوه الرواحل فقال النبي (ص) لحذيفة قد قد ,فلحقه عمار فقال سق سق حتى أناخ فقال لعمار هل تعرف القوم فقال لا كانوا متلثمين وقد عرفت عامة الرواحل قال اتدري ما أرادوا برسول الله (ص) قلت الله ورسوله أعلم قال أرادوا أن ينفروا برسول الله (ص) فيطرحوه من العقبة فلما كان بعد ذلك نزع بين عمار وبين رجل منهم شئ ما يكون بين الناس فقال أنشدك بالله كم أصحاب العقبة الذين أرادوا أن يمكروا برسول الله (ص) قال نرى أنهم أربعة عشر قال فان كنت فيهم فكانوا خمسة عشر ويشهد عمار ان اثنى عشر حزبا لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ) (مجمع الزوائد للهيثمي ج1 ص110, المعجم الكبير للطبراني).
 تأمل النص ( نزع بين عمار وبين رجل منهم شئ مايكون بين الناس فقال أنشدك بالله كم أصحاب العقبة), فهذا الرجل الذي يسأل عمارا كان منهم كما يقول النص ثم يستفسر الرجل إن كان هو قد عُد من تلك العصبة ؟ النص لايذكر اسم الرجل تسترا عليه كعادة المدونين فلابد أنه كان رجلا مهما , فمن هو ؟
في موضع آخر يكرر الحديث أعلاه ولكن السائل الذي يشك في نفسه يسأل حذيفة بن اليمان , ونقول لافرق في ذلك فحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر هما اللذان كانا يصحبان رسول لله يوم العقبة فليس بعيدا أن الرجل الشاك في نفسه سأل كلاهما , فالحديث أعلاه سأل فيه عمارا والحديث الاتي يسأل فيه حذيفة بن اليمان:
روى مسلم عن أبي الطفيل :( كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال:أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة ؟ قال فقال له القوم : أخبره إذ سألك ! قال : كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم ، فقد كان القوم خمسة عشر! وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) (صحيح مسلم ج8 ص123).
يتفلت اسم الرجل في سطور الكتب فيفصح عنه ابن كثير عن غير قصد فيقول :
(وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال لحذيفة : أقسمت عليك بالله أأنا منهم ؟ قال : لا ولا أبري بعدك أحدا يعني حتى لا يكون مفشيا سر النبي (ص) قلت : و قد كانوا أربعة عشر رجلا و قيل : كانوا اثني عشر رجلا) ( السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص35)
ونقول كيف برجل يسأل غيره عن نفسه ؟ ألا يعلم عمر بن الخطاب إن كان هو منهم أم ليس منهم ؟ أم هو يسأل مستفسراً ليعلم هل عرف النبي والناس بما فعل ؟ ان سؤال عمر لحذيفة يؤتنس به للمحقق كي يضع نصب عينيه ان السائل عمربن الخطاب لابد ان يكون منهم وأذا أخفى أنسان أمرا ظهر في حركاته وفلتات لسانه.


ان وضع الروايات معا ومقارنتها يدل بجلاء على أن الرجل السائل كان من عصبة الاغتيال وهو قول الرواي ( كان رجل من أهل العقبة) , وأن هذا السائل هو عمر  ,وهذا يعود بنا لرواية الوليد بن جميع الذي عد الخلفاء الثلاثة الاوائل وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله في جماعة عصبة الاغتيال, فتأمل!
ولاكمال عصبة العقبة نقتبس من كتاب المناقب  مايلي:
قال حذيفة بن اليمان : (كنت أقود برسول الله وعمار يسوق به ليلة العقبة, إذ أقبل إلينا اثنا عشر راكباً وقد علون العقبة مابرى منه إلا الحدق لينفروا برسول الله , فجعلت أضرب وجوههم عنه فقال: ( دعهم فسيكفيكهم الله) , ثم دعا بهم وسمّاهم رجلا رجلاً, وقال : ( هؤلاء المنافقون في الدنيا والاخرة). قال : وكان فيهم أبو سفيان ومعاوية وعتبة وعمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي والمغيرة بن شعبة وجماعة من بني أمية ).( المناقب والمثالب ص 202, للقاضي النعمان  المتوفى 363 هجرية)
بعد سنين من محاولة الاغتيال وفي بلاط الملك الاموي معاوية بن أبي سفيان يقول عقيل بن ابي طالب لمعاوية : (ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبوالاعور السلمي وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول الله إلا أن أبا سفيان ليس فيهم )(فضائل أمير المؤمنين ص40 لابن عقدة الكوفي المتوفى 333 هجرية), تأمل قوله أن أباسفيان لم يكن فيهم وحينها كان أبو سفيان قد هلك فإبو سفيان كان من عصبة الاغتيال. أما باقي المنافقين من عصابة الاغتيال فيحدثنا عنهم ابن أبي الحديد في شرحه, ويعدهم وهم كل من : عمرو بن العاص وأبوموسى الاشعري والضحاك بن قيس الفهري ( راجع شرح النهج ج2 ص125)

 التغطية على المشتركين  في محاولة الاغتيال
للتغطية على المشتركين في محاولة الاغتيال دون المدونون أسماء رجال وذكروهم بالعدد, وهنا يطرح سؤال نفسه , إذا كان الرجال قد عٌرفت أسماءهم فلماذا سأل عمر بن الخطاب عمارا وحذيفة إن كان هو أحدهم؟ ولماذا استعمل المدونون وكتبة التاريخ في أكثر من موضع كلمة (فلان) عند ذكر محاولة الاغتيال في العقبة وقد مر بنا ذلك في قول النبي (ص) لعصبة الاغتيال : قم يافلان وقم يافلان! أليس الاصح أن يكتب المؤرخ اسماء الرجال؟  وقد ذكر الهيثمي في مجمعه اسماء رجال زعم أنهم  عصبة الاغتيال في العقبة, وهم رجال خاملون لايمتون بصلة الى الصراع على السلطة , وليس اغتيال النبي يصب في مصالحهم , وبعضهم من اليهود المتأسلمين! عد الهيثمي اسماء الرجال وكما يلي
(معتب بن قشير بن مليل من بني عمرو بن عوف, ووديعة بن ثابت بن عمرو بن عوف, وجد بن عبد الله بن نبتل بن الحارث من بني عمرو بن عوف, الحارث بن يزيد الطائي حليف لبني عمرو بن عوف, وأوس بن قبطي, الجلاس بن سويد إبن الصامت وهو من بني عمرو بن عوف, وسعد بن زرارة, رجل أسمه سويد , واخر أسمه راعش, قيس بن عمر بن فهد, وزيد بن اللصيت  وهو يهودي أسلم, وسلالة بن الحمام وهو يهودي أيضا أسلم كذلك)( مجمع الزوائد للهيثمي ج1 ص110 ).
هؤلاء الرجال الذين ذكرهم الهيثمي لم يكونوا يوماً من أصحاب القوة ,ولم يتسدوا مناصبا في الدولة ولم يزيدوا في الحساب خردلة فظهرت أسمائهم  ,لكن  أسماء العصبة الحقيقية بقيت في مدونات كتبت خارج سلطة الدولة الحاكمة ومنها ما كتب الوليد بن جميع ثم فُقد ما كتب حتى ذكره ابن حزم في كتابه المحلى كما مر بنا.
إن أعضاء عصبة الاغتيال الحقيقية التي سعى المدونون في التستر عليهم ومنهم أبو حزم الظاهري تبدو أكثر مصداقية عندما ترينا أسماء الذين نالوا السلطة والمناصب بعد النبي, وليس هؤلاء الرجال الذي ذكرهم الهيثمي , وإذن فأعضاء عصبة الاغتيال هم  أبو سفيان ومعاوية وعتبة وعمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي والمغيرة بن شعبة والخليفة الاول والثاني والثالث وجمع من بني أمية كما تقول الروايات ,فهم الذين نالوا مناصب الدولة وحكموا الناس. وعندما فشلت محاولة الاغتيال في العقبة ,غير الجناة  خطتهم وأستعملوا سلاح السم الصامت, وهو ماسيأتي فيما يلي:
                  
هل مات النبي بالسم؟
بعد اكمال الدين وإظهار الوصية في غدير خم بتولية الامام علي الخلافة من بعد النبي (ص) –راجع فصل (نظام الحكم) – وفشل المخططين في النيل من النبي في العقبة , سلك المخططون خطاً اخر وهو الاغتيال الصامت عن طريق السم, وكانت هناك محاولات يهودية قبل ذلك قام بها اليهود في خيبر وقبلها اخرى فشلت في قتل النبي , لقد أرتأى المخططون أن يسقوا النبي شراباً رغماً عنه وكيف يستطيعون ذلك ؟ سيتبين ذلك بعد قليل. للتمويه على جريمة السم  قام المخططون بألقاء الضوء على محاولات سابقة قام بها اليهود وفيها دس اليهود للنبي سما في أكله, و بإعادة ترويج تلك المحاولات اليهودية استطاع المخططون من أشغال الناس عن جريمتهم الماكرة, ونجحوا في تدبيرهم الشيطاني في ذلك  فأقحموا روايات  توحي للناس أن اليهود هم الذين سمموا النبي , وهي محاولة  للتعتيم على الجاني الحقيقي من المسلمين ,ونجحوا في تدبيرهم ذلك الى حد بعيد , ولاننسى ان المحرفين أقحموا أسماء أثنين من اليهود حديثي عهد بالاسلام في عملية العقبة التي تقدم ذكرها تمويها على الناس .

 فيما يلي رواية من الكتاب الاول عند جمهور المسلمين وهو صحيح البخاري :
 تروي عائشة أرملة النبي وهي كذلك ابنة الخليفة الاول أن النبي قال في مرضه الاخير : (يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم)( البخاري ج5 باب وفاة النبي),  قول النبي(ص) : ( أجد الطعام الذي أكلت بخيبر ) يعني به تسميم اليهود له في مدينة خيبر اليهودية , تأمل أن النبي يقول ذلك قبل يوم وفاته بيوم وليلة.
 واضع الحديث اعلاه يريد إثبات أن سم خيبر هو سبب موت النبي, فالرواية تريد ابعاد الشبهة عن الذين سمموا النبي , فأضاف المتآمرون هذه الرواية الى روايات اخرى ليبدو للناس أن موت النبي مسموما يعود الى سم خيبر وليس الى سم الجناة الحقيقين! فات حابك الرواية هذه , قائلها أو كاتبها أو مروجها, أنه لا يمكن للسم أن يفعل مفعوله بعد اربع سنين ! فحادثة سم خيبر كانت في سنة  7سبعة هجرية وموت النبي كان سنة 11 هجرية بأتفاق المؤرخين , وهي لطمة على وجوه الكذابين الذين يقولون أن النبي مات بسبب سم خيبر , ويدخل في ذلك رواية عائشة. فكيف للسم أن يفعل مفعوله بعد أربع سنين؟  إن النبي يوم حادثة سم خيبر عرف بأن الشاة التي اهدوه اياها اليهود مسمومة فلم يأكلها ,

وخلاصة قصة سم خيبر أوردها العلامة الطائي في كتابه إغتيال النبي معتمدا على رواية المؤرخ الطبري وكما يلي:
 (في السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم للنبي  شاة مصلية وكانت قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله  فقيل لها الذراع فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله  تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله  فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله فلفظها ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم (تاريخ الطبري ج2 ص303) ثم دعا بها فاعترفت. فمات بشر بن البراء من أكلته التي أكل في ذلك الزمن. أي أن بشرأكل السم ولم يأكل رسول الله من ذلك السم شيئا)( انتهى).
من رواية الطبري أعلاه يتبين أن النبي لم يبتلع السم  فهو لم يأكل الشاة المسمومة ومضغ مضغة لم يستسيغها ولفظها أي لم يبتلعها,وهو دليل على كذب الروايات التي تريد اسقاط تسميم النبي على اليهود! نعم حاول يهود خيبر تسميم النبي الكريم لكنهم فشلوا ولم يؤثر فيه السم لانه لم يأكله أصلاً, و رواية الطبري اعلاه اثبات على ذلك .ان أعراض التسمم التي ظهرت على النبي في يوم وفاته لم يكن لها دخل في قصة سم خيبر, فأعراض التسمم  ورواية عائشة التي روتها وهي تريد أسقاط التسمم على اليهود دليل واضح على أن النبي مات بالسم, لأن الجاني الحقيقي كان يتوقع معرفة الناس بموت النبي مسموماً, فاخترع رواية خيبر على لسان عائشة ليسجل أعترافاً من النبي نفسه بأن سبب موته هو السم ,حيث يقول النبي : ( هذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم). وقد ظهرت أعراض تسمم على النبي منها الصداع والتعب وعدم القدرة على الوقوف الا بمساعدة, فقد جاء في الروايات ان النبي ظهر في اليوم الذي سبق وفاته متكئا على العباس عمه وعلى ابن عمه وزوج ابنته علي بن أبي طالب كما في رواية البخاري الاتية : (عن عائشة قالت : خرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين عباس وآخر , فأخبرت بن عباس قال هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة قلت لا قال هو علي ) ما يهم من هذه الرواية هو تعبه فرجلاه  تخط الارض وهو لا يقدرعلى المشي الا بمساعدة لضعفه  الشديد من تأثير السم. ويقول المؤرخ ابن سعد : (فلما كان يوم الاربعاء بدأ برسول الله المرض فحم وصدع) (  الطبقات لابن سعد ج2 ص249, وعن اغتيال النبي للطائي)
ويذكر ابن سعد كذلك دخول أبو سعيد الخدري على النبي لعيادته وعلى النبي قطيفة (رداء) فوضع أبوسعيد الخدري يده عليها فوجد حرارتها فوق القطيفة وهو دليل على الحمى العالية فقال أبو سعيد للنبي (ص) : ما أشد حماك! ( الطبقات لابن سعد ج2 ص208, اغتيال النبي للطائي)
ويروي البخاري ومسلم كذلك عن الصحابي عبد الله بن مسعود قوله: (دخلت على رسول الله وهو يوعك وعكاً شديداً فمسسته بيدي فقلت يا رسول الله – إنك لتوعك وعكاً شديدا فقال رسول الله (ص) أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم) , فيا لها من حمى !ويروي ابن سعد أيضاً  قول السيدة  أم البشر بن مالك للنبي عندما زارت النبي وقالت له :ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد ( طبقات ابن سعد ج2  ص236, اغتيال النبي للطائي).,وهي حمى غير طبيعية قد تكون من فعل السم في الجسم, وقد تكون بسبب حمى أصابته فلما سقط عليه الصلاة والسلام في فراشه من الحمى سقاه القوم سما , وسيأتي تفصيل ذلك, إذن سم خيبر الذي حدث قبل أربع سنوات من وفاة النبي ولم يبتلعه النبي ماهو الا كذبة روجها الجناة الحقيقيون للتغطية على سمهم الذي سقوه للنبي. واذا تبين  بطلان وفاة النبي بسم خيبر فمن الذي سمم النبي قبيل وفاته؟

الشراب المسموم
ذكرت رويات عديدة أن النبي في أواخر أيامه سُقي شراباً وهو في نومه ,وعند افاقته كان يوصي الذين حوله بأن لايسقوه شيئاً ولكنهم لم يأبهوا لاوامره وانتظروا إغفاءه مرة أخرى ليسقوه شرابا ادعوا بأنه دواء . فكانوا يسقونه وهو نائم مخالفين قوله الذي أمرهم فيه بأن لايسقوه شيئا. وعندما يفيق النبي مرة ثانية ويعلم بأنهم سقوه وهو في نومه يأخذه الغضب فيسأل الناس حوله وهم بعض نساءه عمن فعل ذلك, فيكذبوا عليه ويقولوا له أن عمه العباس هو الذي سقاه الشراب وهو في نومه ! لكن النبي(ص)  لم يصدقهم ودافع عن عمه العباس وبرأه من تلك التهمة لعلمه أن عمه العباس لن يخونه ,وكان العباس وقت اغفاء النبي خارج البيت في تلك الساعة, ثم يأمر النبي جميع الحاضرين  أن يشربوا من نفس الوعاء الذي سقوه منه ويستثني من ذلك عمه العباس . إن فعل النبي وأمره لمن حوله بشراب ما شرب ماهو الا دليل على شكه بأ ن ما شرب كان شراباً ممزوجاً بسم. وإلا ما هو الداعي للغضب الذي غضبه النبي (ص) ليجبر الحاضرون على شرب الشراب الذي شربه؟  لنقرأ الروايات التي ذكرت تلك الحادثة :
عن عائشة أنها قالت:  (لددنا رسول الله  في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني. قلنا: كراهية المريض الدواء. فقال: لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم)(  تاريخ الطبري  ج2 ص 438, صحيح البخاري ج7 , باب لد النبي).
اللد هو سقي المريض شراباً وهو في حالة الاستلقاء. وقول النبي لاتلدوني يعني لاتسقوني شراباً وأنا في غيبوبة النوم. ثم تقول عائشة : قلنا كراهية المريض الدواء. فهي تبرر فعلتها في لد النبي بأن المريض عادة يأنف الشراب لطعمه أو لمرارته , وهي تقول انها لدت النبي حرصاً على صحته, لانه كان مريضاً والمريض لايحب شرب الدواء, فهي تبدو وكأنها أعلم من النبي وأكثر علما بما يضره وما ينفعه وهو قول سفيه, فهل هناك أعلم من النبي بمصلحته؟ أما قول النبي (ص): (لايبقى في البيت أحد الا لُدَّ, وانا أنظر الا العباس فانه لم يشهدكم) , فإنه يبين أن النبي أراد أن يرى جميع الحاضرين يشربون مما شرب هو ماعدا عمه العباس وذلك لشكه بتسميم الشراب كما يبدو من التحليل الواقعي, أو لمعرفته عليه السلام بما سيؤول إليه الحال فأراد أن تعرف الاجيال أنه فعل ذلك إشارة  الى انصاره المخلصين في كل زمان وتنبيها للباحثين عن الحقيقة, وتم له ذلك فهذه الرواية الخالدة في بطون الكتب أهملها المدونون المحرفون فظهرت بجلاء بعد تلك السنين لتبين أن النبي في يوم وفاته كان لايثق بالذين كانوا من حوله وهم عائشة وأنصارها, فكان يشك في شرابه وطعامه , فهل بعد هذا التصريح من تصريح ومن كشف؟
لم يكن من المحال أن غيَّر الناس ذلك الشراب بعد أن سقوا النبي منه وأتوا بقربة أخرى لم يراها النبي وهو في الغيبوبة ولم يراها العباس عندما كان غائباً خارج الحجرة فشربوا من القربة الثانية أمام النبي ليثبتوا أن ما في القربة  شراب لايؤدي الى الموت, أما القربة التي شرب منها النبي وهو في غيبوبة النوم ففعلت فعلها حتى ظهرت أعراض التسمم عليه وهي  الصداع الشديد والضعف, ولم يغير ذلك مما سعى اليه النبي الكريم(ص) بإجبار الحضور على الشرب مما شرب هو ,  فإذا ظن القوم أنهم نجوا من شرب السم الذي سقوه للنبي بحيلتهم بالشرب من قربة آخرى, فإن رسالة النبي لأنصاره ومحبيه وصلتهم تبلغهم أن نبيهم سقي سما قبل رحيله.
وقد ذكرت قصة لد النبي في كتب عديدة منها قول ابن القيم الجوزي  (قد أمر من في الدار بأن لا يلدوه و لا يجرعوه أي دواء مهما كان ، إذ روي أنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم: ألم أنهكم أن لا تلدوني)(الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66)  .
 ان قول عائشة ( لددنا) وقول النبي كذلك ( لاتلدوني), يدل على ان الذين لدوا النبي هم جماعة وعائشة معهم ,فلو كانت لوحدها لقالت (لددت) ولكنها قالت (لددنا), فمن هم اولئك الناس الذين اشتركوا في لد النبي وماهي مصلحتهم في تعجيل موته؟  كما تدل رواية أخرى أن هناك رجال في البيت حيث يروي  الحاكم في مستدركه مايلي:
(والذي نفسي بيده لا يبقى في البيت أحد إلا لد إلا عمي . قال : فرأيتهم يلدونهم رجلاً رجلاً ! قالت عائشة : ومن في البيت يومئذ يُذكر فضلهم ، فلُدَّ الرجال أجمعون ، وبلغ اللدود أزواج النبي فلددن امرأة امرأة)( المستدرك للحاكم ج 4 ص 202)
قول عائشة اعلاه ( ومن في البيت يذكر فضلهم..) تعني بذلك المشهورين من صحابة النبي, ونقول من يدخل على النبي في بيت زوجته عائشة وزوجته حفصة من الرجال سوى آبائهن, فليس للاجنبي الدخول على بيت أزواج النبي الا أذا كان محرماً ,وإذن كان هناك أبوعائشة وهو أبوبكر الخليفة الأول , وكذلك كان أبو حفصة وهو عمر الخليفة الثاني, ولكن عائشة لم تذكر أسماء الناس بل قالت : وفي البيت من يذكر فضلهم .. وتكفي هذه النكتة لمعرفة من كان في البيت عندما لدوا رسول الله وهو في غيبوبة النوم والحمى.
لقد علم النبي (ص) بخطة السم الخبيثة وعرف فاعلها الاولي حيث يذكر المؤرخ ابن سعد في كتابه قول النبي عن عائشة بعد أن لدته : ( ويحها لوتستطيع مافعلت)( الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203).
نعود الى فصل ( قصة السقيفة وكيف تمت البيعة) حيث يظهر تجاسر الصحابة على النبي وهو في فراشه مريضاً , وقال عمر للنبي ذلك اليوم : (دعوه فأنه ليهجر!) وهي كلمة تعني أنه (يخرف) , ولايهجر الا الذي على وشك الموت, فكيف عرف عمر بأن النبي هو في يومه الاخير ؟وكيف يتجاسر على النبي بتلك الكلمة ؟ الا يخشى العقوبة وعتاب من النبي بعد تحسن صحته وقيامه من حمته تلك ؟ الذي يبدو أن عمر كان متأكداً من عدم عودة النبي للحياة بعد ذلك اليوم, فذلك اليوم هو يومه الاخير, وكأن عمر وباقي الرجال والنساء كانوا متأكدين من موت النبي ولايمكن توقع موت أنسان إلا اذا كان هناك سببا قويا يدل على ذلك, وهوسبب علمه المتجاسرون على النبي, حيث عرفوا أنه قد سٌقي  سماً لن يفيقه من رقدته تلك! تقدم كذلك في فصل (نظام الحكم من وجهة نظر الشيعة) أن النبي كان قد جهز جيشا بقيادة الشاب أسامة بن زيد ووضع تحت أمرته جنوداُ منهم أبوبكر وعمر وعثمان وأبوعبيدة وغيرهم, وسبب ذلك أن النبي علم بالمؤامرة وعلم بالجناة  ولذلك جعلهم جنوداً في جيش أسامة بن زيد وأمرهم بالخروج من المدينة لابعادهم وكان يحثهم على الخروج الى شمال الجزيرة بعيداً عن المدينة المنورة بمسيرة أيام وليال. لكنهم تخلفوا عن المسير, وعندما يخرج النبي عاصباً رأسه بعصابة من شدة الحمى ويقول : أنفذوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه, رأينا أنهم (ومنهم أبو بكر وعمر)  لم يعيروا اهتماماً لكلام النبي ولم يأبهوا  بتلك اللعنة ولم يخرجوا, فيتوقف الجيش على بعد أميال قصيرة من بيت النبي, وكأن القوم عرفوا معرفة أكيدة أن النبي
لن يتعافى وسيموت ,وهذا برهان جلي على معرفة اولئك القوم بأن النبي قد سُقي سماً مميتاً.( راجع فصل نظام الحكم) .

لقد عرف النبي أن ساعته قدمت وأن موتته بالسم ستشرفه بشرف الشهادة فوق شرف النبوة وشرف ختم الرسالات ,ولذا بكت ابنته فاطمة لما رأت من حمته وضعف قوته وقالت : (واكرب أباه ), فيقول لها الرسول (ص) : ( ليس على ابيك كرب بعد اليوم) (صحيح البخاري ). فهو يعلم أن تلك الساعات هي الساعات الاخيرة.  بعد أن يسمع رسول الانسانية كلمة عمر  القبيحة فيه عندما قال عمر : دعوا الرجل فأنه ليهجر ( راجع نص الرواية في كتاب صحيح البخاري , باب رزية يوم الخيمس, وكذلك في فصل السقيفة من هذا الكتاب), فإنه (ص) يطردهم بقوله: ( قوموا .)( المصدر السابق). فيخرج الجميع من الحجرة ثم يسأل النبي في ساعاته الاخيرة عن أمين سره ووصيه ليقول له كلماته الاخيرة :
 (عن أم سلمة قالت : والذي أحلف به ، ان كان علي بن أبي طالب لأقرب الناس عهدا برسول الله ( ص )- تعني أنه اخر من كان معه قبل رحيله- عدنا رسول الله ( ص ) غداة وهو يقول :  جاء علي ، جاء علي , مرارا فقالت فاطمة : كأنك بعثته في حاجة قالت : فجاء بعد ، قالت أم سلمة : فظننت ان له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه رسول الله ( ص ) وجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض رسول الله ( ص ) من يومه ذلك فكان علي أقرب الناس عهدا) (مسند أحمد ج 6 ص 300 , المستدرك للحاكم ج 3 ص 138 ,مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 112 ،كنز العمال للهندي  باب فضائل علي بن أبي طالب ، وتذكرة خواص الأمة لابن الجوزي باب حديث النجوى) وروى ابن كثير قول النبي (ص) : ادعوا لي أخي , فدعوا له أبا بكر فأعرض ، عنه ثم قال : ادعوا لي أخي , فدعوا له عمر فأعرض عنه ، ادعوا لي أخي  فدعوا له عثمان فأعرض عنه ، ثم قال :  ادعو لي أخي  فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علمني ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب )( البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص 359 )
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ان كعب الأحبار قام زمن عمر فقال ونحن جلوس عند عمر : ما كان آخر ما تكلم به رسول الله ( ص ) ؟ فقال عمر : سل عليا ، قال : أين هو ؟ قال : هو هنا ، فسأله فقال علي : اسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال : الصلاة الصلاة ! فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يبعثون ، قال : فمن غسله يا أمير المؤمنين ؟ قال : سل عليا ، قال : فسأله فقال : كنت أنا أغسله وكان عباس جالسا ، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء)( الطبقات لابن سعد ج2 ص 262) ويفصل ذلك علي بن أبي طالب في خطبة له يصف فيها اخر عهده بالنبي فيقول :( فغسلته والملائكة أعواني فضجت الدار والافنية , ملأ يهبط وملأ يصعد, فما ذا أحق به مني حياً وميتاً)( نص الخطبة في نهج البلاغة), هذه النصوص تخالف ما زعمت به عائشة في فصل(مؤامرة المسلمين في  تشويه شخصية النبي) حيث أدعت أن النبي مات كالعاشق الولهان وضعا رأسه على صدرها وأنه (ص) لم يوص بوصية , وترك أمته في حيرى وكتاب الله مفرق في الصحف والرقع وعلى الخشب وعظام الحيوانات وغيرها. ثم لم تلبث عائشة أن صححت رواياتها  حول موت النبي في حجرها , وكبر سنها واقترابها من أجلها دور في ذلك, فكبر الانسان ودنو أجله يذكره بقرب النهاية فيسعى الى تصحيح ما قال من قبل وهكذا فعلت عائشة  , فهي تروي  في اخريات أيامها حديثا  تذكر فيه اليوم الاخير من حياة النبي الذي قضاه وعلي بن أبي طالب في جواره : ( أي شئ تسألن عن رجل وضع يده من رسول الله موضعاُ فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه , واختلفوا في دفنه فقال (علي): إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه, قالت النساء يسألنها: فلم خرجت عليه ؟ قالت : أمر قضي لوددت أني أفديه بما على الارض) ( البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي ج 7 , ص 397).( ملاحظة: قول النساء لعائشة : لم خرجت عليه ؟. يعنين به الامام علي , فهي (عائشة) خرجت عليه في معركة الجمل).

المتآمرون يجنون ماخططوا له , ويفوزون بالحكم!
في ساعة وفاة النبي يختفي الحاضرون من بيته , اولئك الذين طردهم النبي من حضرته عندما قال لهم : تباً لكم قوموا عني( راجع  باب رزية يوم الخميس في  صحيح البخاري, وفصل السقيفة في هذا الكتاب) . عرف المتآمرون أن تلك الساعة هي ساعة النبي الاخيرة, فوقع السم ظهر جلياً ولن يعود الزمن الى الوراء فالسم الناقع شربه النبي الكريم وهو في غيبوبة النوم حينما لدوه( سقوه) أكثر من مرة , وإذن لن يقوم النبي من رقدته تلك , فهرعوا الى سقيفة بني ساعدة ( راجع فصل السقيفة وكيف تمت البيعة) وبمسرحية مُعدة وبتخطيط رصين يُنصب عرب قريش خليفة للنبي على طريقتهم الخاصة والنبي لم يدفن بعد. وعند إنشغال علي بن ابي طالبوأهل بيته وعمه العباس  في تجهيز النبي (ص) لمثواه الاخير, يقوم المتامرون بأخذ البيعة من الناس في تلك الليلة وكان لقبيلة بني أسلم الدور في استتاب الامر لابي بكر بن ابي قحافة كما مر ذكره في فصل السقيفة, حيث يقول عمر فرحا بنجاح الخطة .(إنّ أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك فبايعوا أبا بكر ، فكان عمر يقول : لما رأيت أسلم أيقنت بالنصر! )(تاريخ الطبري ج3 ص 222, الكامل لابن الاثير, طبقات ابن سعد) . إن أبا الاعور السلمي كان من زعماء قبيلة أسلم ولدوره ودور قبيلته دور كبير في تثبيت حكم الخليفة الاول أبوبكر , فقبيلته ملأت سكك المدينة لحماية دولة أبي بكر, وكان أبو الاعور السلمي هذا هو أحد عصبة محاولة أغتيال النبي في العقبة كما تقدم ذكره.
لقد فشل الذين حاولوا اغتيال النبي في العقبة لكنهم نجحوا بمحاولتهم الاخرى وقتلوا النبي عندما دسوا له السم وهو نائم ,وساعدهم في عملية الاغتيال الناجحة أثنتين من بناتهم وهن عائشة وحفصة, فعائشة وحفصة كانا من الذين لدوا النبي شراباً وهو في نومه , ونال القتلة  مجدا دنيويا زائلا فاغتصبوا الخلافة وحرفوا الدين كما يشتهون.
لقد عرف الصحابة المخلصون أن رحيل النبي العظيم كان أغتيالا , لكنهم  لم يقدروا على تغيير الامور بعد فوات الاوان , فالسلطة صارت للمخططين والمنفذين  لعملية الاغتيال . يقول الصحابي المخلص عبد الله بن مسعود : (لئن أحلف تسعا أن رسول الله  قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك إن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا)(  سيرة ابن كثير ج4 ص 449 ) . 



انتهى الكتاب بفضله وتوفيقه تعالى بقلم العبد الفقير لرحمته تعالى
مروان العارف في عام 2013
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم 
اللهم اغفر لنا إن نسينا أو أخطأنا 
اذا وصلت الى هنا ايها القارئ الكريم ورأيت ظلامة خاتم الانبياء 
وظلامة آل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام
  فلاتنسانا من دعواتك ولكم الاجر والثواب بإذنه تعالى

اذهب لقراءة الكلمة الاخيرة للكتاب 
http://marwan1433.blogspot.ca/2016/03/blog-post.html 

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

13- المسلمون يشوهون سيرة النبي \ مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص)

الفصل الثالث عشر من كتاب مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص)
الفهرس:
مقدمة,
 المسلمون يمنعون كتابة أحاديث النبي ووصاياه, الحط من مقام النبي في التراث الاسلامي, النبي قبل الرسالة وأكذوبة شكه بوحي السماء, قصة بحيرا الراهب, النبي يصيبه السحر ويخيل له , النبي يحاول الانتحار ويشك في الوحي, انزال مقام النبي ورفع مقام غيره, النبي يستمع للغناء ويطرب له, النبي يشرب الخمر, النبي شبق يضاجع النساء وهن في الحيض, النبي لايتذكر القرآن وينسى آياته, النبي ينسى الصلاة ولايتوضأ, النبي يعبس في وجوه الفقراء ويبش في وجوه الاغنياء, النبي العاري, النبي يبول واقفا, كلام النبي لغو ولامعنى له, النبي يخرف في يومه الاخير, النبي يموت ولايوصي بوصية.
عائشة ودورها في تشويه شخصية النبي,
 أكذوبة زواج عائشة من النبي وهي طفلة,
 دفاع عن النبي (ص).


-13- مؤامرة المسلمين في تشويه شخصية النبي (ص)

إن  تشويه سيرة النبي والحط من قدره العظيم يعتبر من أبرز سمات المؤامرة وأفدحها, فقد لوث المتآمرون  النبي الطاهر (ص) بلوثات الجاهلية وصنعوا رجلاً ينزل في قدره عن  صحابته ومعاصريه, وخلف ذلك تراثاً جعل باقي الامم يتندرون على الدين وعلى النبي بسبب ذلك الحط والتشويه منذ أيام المستشرقين والى يومنا هذا , فلا زلنا نسمع بين اونة واخرى من يتندر على النبي بصيغة رسوم متحركة أو برواية ادبية . إن المتصفح لحوادث التاريخ ولروايات السيرة  بإمكانه ملاحظة ذلك التشويه المتعمد للنبي(ص) , فجرم ذلك يقع على كتبة التاريخ من المسلمين أنفسهم.
لقد استطاع العرب واستطاعت قبيلة قريش بالذات من طمس الصورة الحقيقية للنبي محمد في التاريخ , فكونت الاحاديث والوقائع المكذوبة والمحرفة  في أذهان الاجيال نبياً هو غير النبي محمد. وكان فعل قريش أيام بداية الدعوة جلياً في ذلك, فقد سمت قبيلة قريش محمدا بأسماء كثيرة وألقاب عديدة ذكرها القران الكريم, منها المجنون والساحر والابتر , وكذلك لقبت قريش النبي بألقاب منها لقب (أبوكبشة) للحط منه,  وردت تلك الالقاب في أشعار قريش قبل الاسلام وبقيت حتى بعد الاسلام    ومن تلك الاشعار أبيات للأسود بن يعفر الذي تغنى بأشعاره عمر بن الخطاب بعد اسلامه عندما عاقر الخمر وفيها نعى قتلى معركة بدر  :
(شرب عمر الخمر فأخذ بلحى بعير وشج به رأس عبد الرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر فقال:
وكائن بالقليب قليب بدر  من الفتيان والعرب الكرام
وكائن بالقليب قليب بدر  من الشيزى المكلل بالسنام
أيوعدني (ابن كبشة) أن سنحيا  وكيف حياة أصداء وهام؟
أيعجز أن يرد الموت عني  وينشرني إذا بليت عظامي؟
ألا من مبلغ الرحمن عني  بأني تارك شهر الصيام؟
فقل لله: يمنعني شرابي  وقل لله: يمنعني طعامي)(ربيع الأبرار للزمخشري ج4 ص51 ,المستطرف من كلّ فنّ مستظرف للأبشهي ج2ص260 )
في رواية أخرى يقال أن المتغني بالابيات هو الخليفة الاول أبوبكر, وكان مع عمر يحتسي الشراب  في بيت رجل إسمه أبوطلحة , وهذا لايناقض الرواية الاولى فمن المحتمل أنهما كانا يتغنيان بهذه الابيات تحت تأثير الخمر فطفق أحدهما يغني بالابيات وردد الاخر معه, ويحصل تصرف السكارى هذا كثيراً في جلسات الشراب بين الندماء حيث يغني أحدهم ثم يجيبه الاخر مردداً. وفي رواية طويلة عن أنس بن مالك يروي أنه كان يسقي الخمر لجمع من الصحابة فشرب الخمر أبوبكر وقعد ينوح قائلا : أُحيّ أم بكر بالسلام وهل بعد قومك من سلام , أيوعدني أبن كبشة أن سنحيا وكيف حياة أصداء وهام! ورواية أنس ذكرت أحدعشر صحابيا فيهم أبوبكر وعمر ( راجع النص في فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ج10 ص 31 باب كتاب الاشربة , الاصابة في معرفة الصحابة ج4 ص 22, فتح القدير للشوكاني ج 1 ص 472). يستدرك الرواية ابن حجر فينبري مدافعاً عن أبي بكر , فعنده أن أبابكر لايقول ذلك ولايشرب الخمر, فيكتب ( ومن المستغربات ما أوردوا عن طريق عيسى بن طهمان عن أنس أن أبابكر وعمر كانا فيهم ( يعني أنهما كانا يحتسيان الخمر مع باقي الصحابة), وهو منكر مع نظافة سنده وما أظنه الا غلطا))فتح الباري لابن حجر العسقلاني, كتاب الاشربة)! يعترف ابن حجر بصحة سند الرواية  لكنه لايستطيع تقبل حقيقة أن أبابكر شرب الخمر وتغنى بقتلى بدر, ويقع ابن حجر في مشكل لتنظيف سمعة أبابكر لكنه في النهاية يقبل بالرواية على مضض ويقول ..( ان قرينة ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصديق أبابكر) (انتهى كلام ابن حجر) , ونقول ان قوله (قرينة  ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصديق ) إنما بناه من حقيقة أن عمرا وأبابكر كانا معاً في اغلب المواقف والروايات , فما تسمع بعمر الا وترى أبابكر معه , فهما في صحبة دائمةً . ولانتشار القصيدة بين الناس انبرت عائشة ابنة الخليفة الاول ابوبكر بنفي هذه المثلبة عن أبيها فقالت:  (والله ما قال أبو بكر بيت شعر في الجاهلية ولا في الإسلام) (الاصابة لابن حجر ج7 ص39) , وقولها لم ينفي وقوع الحادثة فهي زعمت أن أباها لم ينظم الشعر  لكنها لم تنف أنشاده لها! و هذا لايمنع أنه كان يتغنى بالاشعار والقصائد حتى وإن كان لم ينظم أو يقول الشعر طوال حياته, فظلت الحادثة في بطون الكتب .  إن لقب أبوكبشة أستعمله كل كاره للنبي وكل من كان في قلبه غيظ عليه, ولما احتسى القوم الخمر ظهرت حقيقة نواياهم فنطقوا بما في قلوبهم. كان معاوية بن أبي سفيان بعد اسلامه أيضاً من الذين استعملوا لقب أباكبشة عند ذكره للنبي محمد(ص) حيث يقول (وإنَّ ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات , أشهد أنَّ محمّداً رسول الله , فأي عمل يبقى؟ ,وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفنا دفنا .) (صحيح مسلم بشرح النوويّ ج1 ص 81، المسترشد في الامامة للطبريّ ص 174) وقد مر ذكر الرواية في فصل أمية. كان رؤوساء قريش يحثون الاطفال لرمي النبي  بالحجارة ويسخرون منه عند تلاوته للقران , أما أثناء صلاته فليس أفدح مما فعلوا مرة حينما ألقوا بروث الحيوانات عليه. هذه حقائق لايمكن تناسيها فهي مذكورة في السيرة وفي ايات القران أيضا وهناك آيات كثيرة في القران ذكرت حقائقا أخرى تلميحاً وتبين التفاسير تفاصيل ذلك. ان ذلك الحقد على النبي لم يكن لينتهي في يوم فتح مكة, فكفار قريش الذين كادوا للدين قبل فتح مكة أسلموا يوم الفتح خوفاً وطمعاً وظلوا يحيكون مؤامراتهم انتقاماً من النبي (ص).                                                                 
 ان الحط من مقام النبي بعد وفاته يتجسد في حرب المسلمين لال بيته , فأفعال العرب في آل النبي لم تكن سوى انتقاماً شخصياً من محمد الذي سفه أحلامهم , وساوى بين الناس في المقام فصار الفقير يصلي بجانب الغني ذو الجاه وصار السيد رجلا كباقي الناس . ويظهر انتقام العرب من النبي محمد  جليا في قصة وفاة ابنته الوحيدة  فاطمة  التي لم تلبث أن ماتت بعد رحيل النبي بفترة قصيرة, وكان عمرها على أغلب الروايات لايتجاوز الواحد وعشرين عاماً , وتتضافر روايات على انها عاشت بعد وفاة النبي لمدة ستة أشهر فقط ثم ماتت بظروف جعلها المبيضون لصفحات التاريخ (ظروفا  غامضة) , ولازال محل قبرها مجهولا الى يومنا هذا (راجع فصل السقيفة , الهجوم على بيت فاطمة).  لقد كانت فاطمة من أحب الخلق الى النبي فلم يصبر أعداءه بعد رحيله سوى التعجيل برحيل ابنته بعده.  وكذلك فعلت قريش باقرب الناس الى النبي الا وهو علي بن أبي طالب فعزلته عن تولي أي منصب وابعدته عن الحكم لفترة طويلة وهي حكم الخلفاء الثلاثة الاوائل ,وعندما صار خليفة  ظهر حقد العرب واضحاً في كرههم لعلي فحاربته قريش وحاربه المسلمون في ثلاث حروب وهي الجمل وصفين والنهروان أبان حكم خلافته القصير الذي كان مايقارب الاربع سنين, وبعد أغتيال الامام علي بن أبي طالب , يغتال المسلمون ابنه الحسن بن علي بالسم  ثم  يذبح المسلمون  أحفاد الرسول وال بيته في كربلاء ,واستمرت المؤامرة بتصفية آل النبي كما مر بنا في فصول الكتاب . لقد أدخل المحرفون في التاريخ أن  أبا طالب عم النبي و ناصره الاوحد في سنين الدعوة الاولى مات كافراً بالله عابداً للأصنام ,فضربوا عصفورين بحجر ,الاول هو تلقين الاجيال أن أبا طالب عم النبي وناصره في دعوة التوحيد كافرا من أهل النار , والثاني أن أباطالب الذي هو والد الامام علي مات كافرا مشركا فجعلوا علي بن أبي طالب ابن كافر , وقد تم تفنيد هذا الزعم في فصل ( الامام علي ) فليراجع.

المسلمون يمنعون كتابة أقوال النبي وتوصياته!
لقد وصل كره العرب والمسلمين للنبي الى حد اصدار قانون سنه الخلفاء من بعده وبه منعوا كتابة أحاديث النبي وأقواله ,وهو دليل اخر على على الانتقاص من النبي ومحاولة نسيانه ونسيان أوامره ووصاياه , حتى استدرك الخليفة عمر بن عبد العزيز فداحة ضياع وصايا النبي فأمر بتقُيد كلام النبي وكتبت احاديثه لأول مرة بعد مرور ثمانين عاما على وفاته , وبطبيعة الحال كان الذي كُتب هو خليط من أحاديث  النبي الحقيقية واحاديث موضوعة وقصص أضافها المحرفون والمدلسون بعد تعاقب تلك السنين الطويلة . ولو كان النبي مبجلاً ومقدراً عند أصحابه لكتبوا ماقاله ليتذاكروه بعد رحيله, ولكنهم انتقاصا للنبي وبغضا له  اخترعوا حجة اختلاط حديث النبي مع آيات القران فتركوا كتابة ماقاله  بحجة خوفهم من اختلاط كلامه مع آيات القران في عقول الناس , ولاندري هل يحتاج العربي الى دروس في البلاغة كي يفرق بين آيات القران وبين كلام النبي محمد؟ فما أسهل التفريق بين الاية والحديث عند الانسان الذي في عصرنا الراهن فكيف سيختلط الحديث بالقران في ذلك العهد الذي كان فيه العرب يتكلمون فصاحة وشعرا! لكن تلك الحجة أنطلت على الاجيال واستطاع الكارهون للنبي  التخلص من أقواله وتوجيهاته الا التي وافقت ما يحبون (راجع فصل ابوبكر الخليفة الاول , باب منع كتابة الحديث النبوي) . دامت كتابة أحاديث النبي في عهد الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز فترة لم تزد عن ثلاث سنين أو اقل من ذلك, ثم رجع الحال الى ماكان عليه عند موت عمر بن عبد العزيز ورجع قانون منع الكتابة حتى حكم العباسي أبو جعفر المنصور عام 143 هجرية حيث أمر المنصور بكتابة الاحاديث ( راجع تاريخ الخلفاء للسيوطي, باب ترجمة المنصور العباسي , وكذلك فصل الائمة الاثني عشر ترجمة الامام الصادق من هذا الكتاب, وفصل استمرار المؤامرة باب المتوكل يكمل مابدأه جده ) فتأمل ما سيؤدي ذلك بحال الاحاديث من طمس وتحريف وزيادة ونقصان بعد أكثر من قرن كامل من رحيل النبي .



الحط من مقام النبي (ص) في التراث الاسلامي
النبي قبل الرسالة وأكذوبة شكه بوحي السماء
دُرِسَّت قصة شك النبي بالوحي في مدارس المسلمين على مر الأجيال وصارت من اشهر حكايات بدايات الدعوة فزعموا أن النبي عندما أتاه الوحي جبريل عاد الى بيته يشتكي الى زوجته خديجة مما رأى , وقال المحرفون أنه كان يشك فيما أتاه حتى قالت له زوجته  أطمأن فما رأيته هو وحي السماء , ويروي ابن اسحاق قول السيدة خديجة لمحمد (ص) : (يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وماهو بشيطان)( سيرة ابن اسحاق ص409) ! ياللعجب كيف تغيب تلك الحقيقة عن النبي وتنجلي لزوجته؟  إن أكذوبة شك النبي بالوحي ملأت كتب التاريخ  حتى صارت أمراً مقبولاً يتكلم به الجميع , فهل هذه هي الحقيقة أم أنها تحريف آخر أرتكبته أيادي المحرفين وكتبة التاريخ فنالوا بذلك رضا السلطات الحاكمة الكارهة لدين محمد؟ إن مراجعة سريعة لسيرة النبي (ص) في بدايات حياته وقبل أعلان دعوته ستبين معرفة النبي بأنه سيكون رسول الله الى الامم وكذلك عرف  الذين كانوا حوله تلك الحقيقة .
(عن أُمّ أيمن قالت: كنت أحضن النبي (ص) أي أقوم بتربيته وحفظه ـ فغفلت عنه يوماً فلم أدر إلاّ بعبد المطلب ( جد النبي محمد) قائماً على رأسي يقول: يا بركة,  قلت: لبيك، قال: أتدرين أين وجدت ابني ( يعني بابني محمداً)؟ قلت: لا أدري، قال: وجدته مع غلمان قريباً من السدرة، لا تغفلي عن ابني، فإنّ أهل الكتاب يزعمون أنّه نبي هذه الاَمّة وأنا لا آمن عليه منهم، وكان عبد المطلب لا يأكل طعاماً إلاّ يقول: علىّ بابنى، أي احضروه، ويجلسه بجنبه وربّما أقعده على فخذه ويوَثره بأطيب طعامه!) ( عصمة الانبياء للسبحاني صفحة 241 , وعن سيرة  دحلان بهامش السيرة الحلبية ج1 ص64).
إذا كان عبد المطلب وهو جد النبي (ص) قد علم من  أهل الكتاب أن حفيده سيكون نبي من الانبياء , فهل تخفى هذه الحقائق على النبي عند بلوغه؟ ومثل عبد المطلب كان عم النبي وكافله أبوطالب عبد مناف , فقد كان يرعى النبي رعاية تفوق رعاية أولاده لأنه عرف من أبيه عبد المطلب أن لابن أخيه شأن كبيرعند الله تعالى, لنقرأ هذا النص : (وممّا يدل على معرفته (عبد المطلب) بحال الرسالة وشرف النبوّة أنّ أهل مكة لمّا أصابهم ذلك الجدب العظيم وأمسك السحاب عنهم سنتين، أمر أبا طالب ابنه أن يحضر المصطفى محمداً (ص) فأحضره وهو رضيع في قماط، فوضعه على يديه واستقبل الكعبة ورماه إلى السماء، وقال يا ربّ بحق هذا الغلام ورماه ثانياً وثالثاً. وكان يقول: بحق هذا الغلام اسقنا غيثاً مغيثاً دائماً هطلا، فلم يلبث ساعة أن طبق السحاب وجه السماء وأمطر حتى خافوا على المسجد.)(  عصمة الانبياء للسبحاني ونقله عن كتاب الملل والنحل للشهرستاني ج2 ص 248)
واستسقى أبوطالب السماء في حادثة أخرى كما في الرواية الاتية:
(أخرج ابن عساكر في تاريخه، عن جلهمة بن عرفطة، قال: قدمت مكة وهم في قحط، فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلمّ واستسق، فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنّه شمس دجى تجلّت عنه سحابة قتماء وحوله اغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ باصبعه الغلام وما في السماء، قزعة  ( القزعة هي الغيمة الصغيرة) فأقبل السحاب من ها هنا وها هنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي واخصب البادي والنادي،
وفي ذلك يقول أبو طالب مادحاً النبي في قصيدة طويلة :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه  ثمال اليتامى عصمة للاَرامل
يلوذ به الهلاّك من آل هاشم  فهم عنده في نعمة وفواضل
وميزان عدل لا يخيس شعيرة  ووزان صدق وزنه غير هائل)(عصمة الانبياء للسبحاني, وعن السيرة الحلبية ج1 ص116. السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص 272 ـ 280)
ألا تدل هذه الحوادث على معرفة الناس بمكانة النبي ورفعة شأنه وهو في سنين طفولته وأول شبابه ؟فهل غابت هذه الحقائق عنه عندما كان صغيرا وعندما شب وكبر ؟  علم النبي الكريم منذ طفولته  أنه مقبل على أمر جليل,  وهيأ نفسه لذلك اليوم فكان قبل بعثته يعبد الله ويتحنث في غار حراء أياما كثيرة في السنة متيقناً بقدوم يومه العظيم! ولم يكن يفعل ذلك غيره من قريش, فهو العابد الوحيد المعتكف في غار حراء قبل نبوته. لقد علم اهل الكتاب بنبوة النبي وبشروا به قبل ظهوره , وقام بعضهم بمحاولات لاغتياله وهو صغير دلهم على ذلك صفاته الجسمية تلك الصفات التي علمها احبارهم ورهبانهم . تأمل في الروايات الاتية :
 (ذهبت مرضعة النبي حليمة السعدية بمحمد (ص) وهو لايزال رضيعا الى سوق عكاظ فنادى أحد الكهان :يا أهل عكاظ اقتلوا هذا الغلام، فإن له ملكاً، فزاغت به أُمّه التي ترضعه، فأنجاه الله تعالى)(عن سيرة النبي لنجاح الطائي ونقله عن مختصر تاريخ ابن عساكر ج2 ص88.) .
(وكان يمر بالظهران راهب يدعى عيضاً من أهل الشام يدخل مكة في كل سنة فيقول: يوشك أن يولد فيكم مولود يا أهل مكة يدين له العرب، ويملك العجم هذا زمانه، ومن أدركه واتبعه أصاب حاجته، ومن أدركه فخالفه أخطأ حاجته)( سيرة النبي لنجاح الطائي ج1 ونقله عن البداية والنهاية لابن كثير ج 1ص 331.)

قصة بحيرا الراهب
بحيرا راهب عاش في بلاد الشام رأى النبي مع عمه وعرفه من صفاته ,ولما تحدث معه أزداد يقيناً بأن الغلام اليافع (ص) هو النبي الذي بشرت به الكتب ,فقال لأبي طالب : (لم يبق على ظهر الأرض يهودي ولا نصراني ولا صاحب كتاب إلاّ وقد علم بولادة هذا الغلام ولئن رأوه وعرفوا منه ما قد عرفت أنا منه ليبغينَّه شرّاً، وانه كائن لابن أخيك الرسالة والنبوة ويأتيه الناموس الاكبر الذي أتى موسى وعيسى )( السيرة النبوية لابن هشام  ج1, ص191)
إذن لقد علم النبي من ذلك الوقت أنه سيكون نبياً في قومه, فليس من المعقول أن يعرف الرهبان والكهان والاحبار أنه نبي سيبعثه الله وتغيب هذه الحقيقة عنه, وعلم يهود مدينة يثرب ( المدينة المنورة) بسنة خروج النبي قبل ظهور دعوته فسمى بعضهم أولاده بأسم (محمد) أملا في أن يكون هو النبي الموعود. لقد كرم الله الانبياء من قبله بهذا الشرف وهم أطفال صغار فعلموا بأنهم أنبياء قبل اظهار دعوتهم , منهم النبي عيسى (ع) الذي يقول وهو في مهده : (إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً اينما كنت، وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً)( مريم 31) , وكذلك كان يحيى  ( واتيناه الحكم صبياً)(مريم 12), ومثله النبي يوسف بن يعقوب عليهم الصلاة والسلام.
 لكن المحرفين أبوا ألا أن يدفعوا شرف ذلك عن النبي الكريم, وجعلوه رجلاً كباقي الرجال حتى بداية الدعوة عندما صار عمره أربعين عاماً ,ولما جاءه وحي السماء شك وخاف وأصابه هلع ,وزعموا كذلك أنه أصابه ساحر يهودي بسحر فسلبه أرادته كما ستأتينا الروايات ! ونقول لقد كان  النبي في غار حراء كل عام يتعبد ويصوم ويصلي لله قبل أعلان الرسالة, لأنه علم علم اليقين أنه نبي سيبعثه الله للعرب ولكافة الأمم وعرف تلك الحقيقة الرهبان والاحبار وحتى الكهان في المعابد ورأى العرب ذلك في النبي قبل رسالته فكانوا يسمونه بالصادق الامين , وهو القائل : ( كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ) ( عيون الاثر لابن سيد الناس , باب المبعث) فهل يعقل أن يخاف النبي من الوحي ويركض الى زوجته خديجة مستفسراً منها عن وحي السماء كما بينت بعض كتب السيرة التي تريد الحط من مقام النبي ؟  لقد أراد المحرفون والمتآمرون أن يصدق الناس أن النبي يشك في نفسه وفي الوحي وفي الرسالة, وهو تماما ماكان يقوله كفار قريش الذين أسلموا بعد ذلك وصاروا من الطلقاء, فقد كان يقولون أن النبي مجنون ومسحور وبه مس ,فلما أظهروا أسلامهم حوروا كلامهم وقولبوه في قالب اخر يحمل ذات المعنى في الحط من النبي ورسالته.

النبي يصيبه السحر ويخيل له أشياء !
 ان النبي حافظ رسالة السماء وداع لها ومنصبه الشريف ذلك أهَّلَه لأن يكون محروساُ  بالملائكة , فليس هناك قوة بشرية أو شيطانية تستطيع أن تؤثر فيه, و سور القران تبطل عمل السحر, فليس للشيطان والجان نصيب في التسلط على عباد الله المؤمنين,  يذكر القران ذلك في أكثر من موضع مذكرا الناس ببطلان السحر أمام المؤمنين: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم, إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون, إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) (النحل 98-100) , وتقول آية أخرى مخاطبة ابليس: ( أن عبادي ليس عليك سلطان الا من اتبعك من الغاوين)( الحجر 42) .. وتبين آية أخرى( ولايفلح الساحر حيث أتى)( طه69).
ان السحر ليس الا خدعة ينخدع بها ابن ادم ضعيف الايمان بالله. وكان النبي يعلم الناس التعوذ من السحر بقراءة المعوذتين لأبطال  سحر السحارين والمشعوذين. على الرغم من كل هذه الحقائق نجحت الدعاية التحريفية في اظهار النبي بمظهر الخانع الضعيف امام السحرة والابالسة , فزعموا أنه سُحر بتأثير دجال يهودي أسمه لبيد , وكانت عائشة زوجته من أول الزاعمين بذلك حيث تقول:
(‏سحر رسول الله ‏ ‏يهودي ‏‏من ‏‏يهود بني زريق ‏‏يقال له ‏ ‏لبيد بن الأعصم ‏, ‏قالت حتى كان رسول الله ‏‏ ‏يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله !حتى إذا كان ذات يوم ‏ ‏أو ذات ليلة ‏ ‏دعا رسول الله ‏‏ ‏ثم دعا ثم دعا ثم قال يا ‏ ‏عائشة ‏ ‏أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي ‏ ‏أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي ‏ ‏ما وجع الرجل قال ‏ ‏مطبوب ‏ ‏قال من ‏ ‏طبه ‏ ‏قال ‏ ‏لبيد بن الأعصم ‏ ‏قال في أي شيء قال في مشط ومشاطة قال ‏ ‏وجف ‏ ‏طلعة ذكر قال فأين هو قال في ‏ ‏بئر ذي أروان .‏ ‏قالت عائشة: فأتاها رسول الله ‏في أناس من أصحابه ثم قال يا ‏ ‏عائشة ‏ ‏والله لكأن ماءها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رءوس الشياطين قالت فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته قال لا أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرا فأمرت بها فدفنت ‏).( صحيح مسلم - السلام - السحر رقم الحديث  ( 4059).)
 أن النبي الذي يصفه الله تعالى في كتابه بقوله ( وما ينطق عن الهوى)( النجم4) , يقع تحت تأثير سحر لبيد  حتى صار يفعل أشياء ولايدري ما يفعل؟ وباتت الخيالات تؤرق ليله حتى دعا أكثر من مرة أن ينقذه الله من عذاب السحر والسحارين, ولاندري أين كان الملاك جبريل حينئذ وهو الملازم للنبي والمصاحب؟ ثم ينام النبي ويأتي رجلان ! رجلان وليس ملكان ,ولاندري من الرجلان فهو لم يسمهما, ولكنهما يكتشفان سحر النبي فيعرف النبي مكان السحر ليبطله . ولايفوت عائشة أن تتعجب سائلة كيف ان النبي لم يحرق ذلك السحر وكأنها خبيرة في علم السحر والسحارين ,فهي تعلم أن من اصول ابطال السحر حرقه ولكن النبي يقول لها انه يفضل الستر على الفضيحة فلم يريد أن يؤجج نارا ويثير على الناس شراً فاكتفى بدفن البئر . من هو الذي دفن البئر؟ ومن هم اولئك الصحابة الذين كانوا معه؟ ولماذا لم يخبرنا أولئك الرجال بقصة سحر النبي ؟وانفردت عائشة باتحافنا بهذا الاكتشاف المذهل! ان الرواية لاتتماسك أمام اي تحقيق علمي او جنائي وتبدو هزيلة من تهافت حبكتها ,ولكن عشق الأقاصيص والمثيرات الغريبة تأخذ بعقول الناس فصدقوا بهكذا كذبة ونسوا أن النبي المحروس بالملائكة وبالملاك جبرائيل, لا يضعف ولا يتخاذل أمام مشط مدفون في بئر! لقد ذكر القران في أكثر من موضع عصمة النبي وحرمته فتقول الاية ( ولو تقول علينا بعض الاقايل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا عنه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين) (سورة الحاقة 44)  فما ندري كيف صار يخيل له الشئ ولايدري مايفعل كما ادعت عائشة؟ بهذا الحديث صار السحرة يتحكمون في عقول العوام بدجلهم وأحابيلهم وآمن الناس بالسحر والسحارين وخشوهم اكثر مما خشوا الله مالك الملك, وصار النبي مثلا يضرب على تغلب السحر على أصفياء الله . لقد وصل الامر بالتحريف والحط من شخصية النبي ان وضعوا له رواية يقال فيها أن الشياطين كانت تسحر النبي حتى في صلاته كما في حادثة الغرانيق حيث تدعي بعض الروايات ان النبي قال في صلاته يوما مسبحا باوثان قريش ( وتلك الغرانيق العلى وان شفاعتهم ترتجى) ثم يعتذر النبي ويقول ان الشيطان سحره وتغلب عليه,. ذكر المستشرق والمبشر وليم موير الانكليزي في كتابه ( حياة محمد وتاريخ الاسلام) الذي نشره في  ستينات القرن التاسع عشر حادثة الغرانيق وهلل لها للحط من النبي محمد وسار على ذلك المستشرق الشهير بروكلمان كذلك في كتابه ( تاريخ الحضارة الاسلامية) وتبعهما كثير من المستشرقين وطبل للحادثة المعاصر سلمان رشدي الهندي في كتابه الايات الشيطانية وسبقه غيره من مدعي العلمانية في انتقاداتهم للفكر الديني , وهكذا يُظهر المستشرقون والمتحذلقون أن النبي محمد  مجد الهة قريش وقدسها , ان فساد هذه الزعم  وأمثاله يعود للاولين المحرفين . لقد غلب موسى سحرة بلاط فرعون وفضحهم فسجدوا لله  لمعجزته وآمنوا له  كما يحدثنا القران في أكثر من آية ,لكن الدعاية التحريفية وأقاصيص عائشة حرمت النبي (ص)من فضل الله وقوته وجعلت منه ضعيفا هزيلا يتهاوى أمام مشط مدفون في بئر.



النبي يحاول الانتحار ويشك في الوحي!
حقق كفرة قريش حلمهم بحديث عائشة التي تروي ان النبي سحره يهودي, فقالوا ان محمدا مجنون حقاً ومسحور, والدليل حديث عائشة الذي تقدم ذكره ورواه البخاري في صحيحه وبذلك صار كفرة قريش والطلقاء صادقين في وصفهم للنبي بالجنون وفقا لحديث عائشة المزعوم ذلك , وهذا برهان على  ان الطلقاء والمنافقين هم الذين روجوا تلك الاحاديث الهزيلة للحط من النبي انتقاما وتشفيا. لم يكتف المحرفون بقصة سحر النبي وكأنها غير كافية للحط من مقامه السامي فاخترعوا قصة حول محاولاته للانتحار وكآبة اصابته عندما افتقد جبريل وانقطع عنه الوحي, فصار يهيم في الجبال ويحاول قتل نفسه!  لقد سقط المدافعون المخلصون عن النبي من مفكري جمهور السنة في فخ , فهم من جهة لايستطيعون الطعن في النصوص المشوهة للنبي لأنها بنظرهم نصوص مقدسة , ومن جهة أخرى لايستسيغون تلك النصوص لأنها شوهت صورة النبي وسيرته, فلم يجدوا سوى فلسفة افكارهم بصيغ وعبارات لامعنى لها يقرأها الطالب فلايخرج منها بشئ, ومن هؤلاء المفكرين  المرحوم مالك بن نبي في كتابه( الظاهرة القرانية) الذي لم يستطع كسر طوق القبول بأحاديث الدولة المحرفة لدين محمد , فيصيغ دفاعه عن النبي بأسلوب أدبي فلسفي ولكن النتيجة نفسها لم تتغير , نبي يشك في نفسه ويائس من حياته. من المعلوم ان الانتحار من الكبائر ومن المحرمات في دين الاسلام وهو يأس يصيب الانسان من فشل في الدنيا الزائلة ,فيقدم على الانتحار آملا في إنهاء عذاباته, ولو كان المنتحر مؤمنا بعالم اخر لما اقدم على الانتحار, فالانتحار مقصورعلى عديمي الايمان واليائسين من رحمة الله . والقران يحدثنا على لسان النبي يعقوب الذي يقول ( لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون) (يوسف 47) . لكن الدعاية التحريفية جعلت من قدوة هذه الامة وسيد الخلائق  محمد بن عبدالله رجلا ضعيفا يائسا يهم بالقاء نفسه من فوق قمم الجبال لينهي عذاب الياس والشك, فهل هناك جرأة أشد من هذه في تشويه النبي! روى البخاري في صحيحه عن عائشة أيضا قولها:
: (... وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي  فيما بلغنا حزناً غدا منه مراداً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه وتفر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل، فقال له مثل ذلك).
ياللعجب من نبي يرى الملاك امامه يأمره بالكف عن الانتحار ولكنه يعاود ذلك كأنه طفل أحمق. لقد ضرب المحرفون بهذا الحديث الواهي عدة عصافير بحجر, أحدها ان النبي ضعيف وهزيل الشخصية وربما مجنون ومسحور حتى يفعل ذلك, واخرى ان النبي قدوة الامة قد حاول الانتحار فليس عارا ان ينتحر الناس . ولاندري لماذا لم يذكر هذه القصة سوى عائشة ولم نسمعها من غيرها من زوجاته أو من أصحابه , ومتى تسنى لعائشة ان تعرف عن النبي ووحيه أكثر مما عرفت زوجته الاولى السيدة خديجة ؟  فانقطاع  الوحي كان في بداية الدعوة وحينها كان النبي  متزوجا فقط من السيدة خديجة بنت خويلد , فلم تذكر خديجة المعاصرة لفترة انقطاع الوحي محاولات انتحار النبي , لان حادثة الانتحار أصلا لم تحدث ,ولكن عائشة التي تزوجها النبي بعد بداية الدعوة بسنين عديدة تخرج بقصتها هذه لتجعل من النبي مخبولاً يهيم في البرية يريد الموت ويترك الرسالة الالهية الملقاة عليه  املا في موت وخلاص , ان انفراد عائشة بهذه الرواية وهي التي لم تعاصر فترة انقطاع الوحي يدل على اختلاق الرواية وكذبها.
ان المفهوم الصحيح للنبوة  يبينه الامام علي بن أبي طالب عندما يصف  النبي محمد(ص) فيقول: (ولقد قرن الله به ( بالنبي) من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثر أمه, يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً, ويأمرني بالاقتداء به , ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء,فأراه ولايراه غيري, ولم يجمع بيتٌ واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما , أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة) ( نهج البلاغة ج2 ص 152).  هذا النص يبين أن النبي محروس بالملاك جبريل منذ كان طفلاً صغيراً  وليس لاكذوبة قصة انتحاره محل في سيرته الحقيقية .
انزال مقام النبي ورفع مقام غيره
تروى عائشة أيضاً زوجة النبي فتقول‏ : (كان رسول الله ‏مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه ‏ ‏أو ساقيه ‏‏فاستأذن ‏‏أبو بكر ‏‏فأذن له وهو على تلك الحال, فتحدث ثم استأذن ‏عمر ‏‏فأذن له وهو كذلك فتحدث, ثم استأذن ‏ ‏عثمان ‏ ‏فجلس رسول الله ‏ ‏‏وسوى ثيابه ‏‏! فقالت ‏‏عائشة ‏: ‏دخل ‏ أبو بكر فلم ‏ ‏تهتش ‏‏له ولم ‏تباله ‏‏ثم دخل ‏عمر ‏فلم ‏ ‏تهتش ‏له ولم ‏ ‏تباله ‏‏ثم دخل عثمان ‏‏فجلست وسويت ثيابك فقال :‏ ‏ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة). (صحيح مسلم , فضائل الصحابة  , رقم الحديث4414)  .وكذلك رواه البخاري .
ان الرجل الذي يحمل شيئا من أصول الاخلاق يأنف أن يضطجع كاشفاً فخذيه أمام الناس وامام اصحابه, لكن النبي محمد يفعل ذلك كما روت  عائشة, فصار النبي يفتقر الى اصول الاخلاق والادب , ثم ان النبي يقر ويعترف في هذا الحديث بان عليه أن يستحي لانه لم يكن مستحيا من ابوبكر وعمر ولكنه استحى من عثمان فهو كان قليل الحياء مع الاولين ثم صار حييا مع عثمان فيا لاعاجيب الوضع والتدليس ! هذا الحديث يحط من مقام النبي وفي نفس الوقت يرفع من مقام عثمان بن عفان الاموي! وتقدم في فصل عثمان سلاطة لسان عثمان وسوقية كلماته مع الصحابة, فلاندري كيف تستحي الملائكة من رجل بذئ اللسان كعثمان, لكن واضع الحديث استطاع انزال مقام النبي ورفع مقام عثمان الاموي في آن واحد.



النبي يستمع للغناء ويطرب له
تحدثنا عائشة كذلك فتقول: (‏دخل علي ‏أبو بكر ‏وعندي ‏جاريتان ‏من جواري ‏الأنصار ‏تغنيان بما ‏ ‏تقاولت ‏به ‏الأنصار ‏يوم ‏ ‏بعاث, ‏قالت : وليستا ‏بمغنيتين !فقال ‏أبو بكر:‏ ‏أبمزمور ‏الشيطان في بيت رسول الله ‏, ‏‏وذلك في يوم عيد ,فقال رسول الله ‏: ‏يا ‏ ‏أبا بكر‏ إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا ، ‏وحدثناه ‏يحيى بن يحيى ‏وأبو كريب ‏ ‏جميعا ‏عن ‏‏أبي معاوية ‏عن ‏هشام ‏بهذا الإسناد ‏ ‏وفيه ‏ ‏جاريتان ‏ ‏تلعبان بدف). (صحيح مسلم , صلاة العيدين , الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد - رقم الحديث  1479. صحيح البخاري في باب الحراب والدرق يوم العيد.)( بعاث هو أسم حصن للاوس, ويوم بعاث هو ذكرى معركة قامت بين قبيلتي الاوس والخزرج في الجاهلية انتصر فيها الاوس)
في هذه الرواية  ابوبكر ينصح النبي بأن المزامير هي من عمل الشيطان ,لكن النبي ينتهره ويترك الجاريتين تضربان بالدف في بيت الوحي! والمناسبة هي يوم بعاث وهو عيد جاهلي ! فياله من نبي يعمل بما لايعظ , ويحتفل بأعياد الجاهلية . وفقاً لهذا الحديث استطاع الخلفاء والسلاطين ان يستمتعوا بغناء الجواري وبسماع المزامير والدفوف, فنبيهم لعوب  يحب الغناء ومشاهدة الجواري, فلماذا يحرمون على أنفسهم ما استحله النبي من متع الحياة  ! ان الفقهاء  المسلمين على مر العصور استندوا لهذا الحديث المكذوب وبينوا للناس أن الغناء غير محرم ,وكذلك اللعب بالات الموسيقية ,وهلل لذلك الخلفاء والسلاطين فتنعموا بلذاتهم في قصورهم واستمتعوا بغناء الجواري ورقص الراقصات .

النبي يشرب الخمر
يقول النبي (ص): (شارب الخمر كعابد الوثن) ( مسند احمد) ولكنه في الحديث الاتي يشرب النبيذ!
عن ‏جابر بن عبد الله ‏‏قال: كنا مع رسول الله ‏ ‏فاستسقى (يعني طلب شرابا) فقال رجل : يا رسول الله ألا ‏ ‏نسقيك ‏ ‏نبيذا ‏‏فقال : بلى قال : فخرج الرجل ‏‏يسعى فجاء ‏‏بقدح  ‏فيه ‏نبيذ ‏‏فقال رسول الله ‏(ص) ‏: ‏ألا ‏خمرته ‏‏ولو ‏‏تعرض عليه عودا ‏‏قال: فشرب) . (صحيح مسلم , باب الأشربة رقم الحديث 3753). ( ملاحظة: قوله الا خمرته تعني :الا غطيته بخمار) .وفقا لهذا الحديث صار الخلفاء والامراء يتمتعون بشرب الخمر فواضع الحديث أوجد مثلبة للنبي للحط منه, وأوجد عذراً للمخالفين فوجدوا لهم منفذا بهذا الحديث وشربوا الخمر كما يشتهون. ليس غريباً ووفق روايات شرب النبي للنبيذ , أن يحتال الفقهاء فجعلوا النبيذ من المباحات وهو مانجده في كتب الفقه عند أبو حنيفة النعمان مثلا وهو شيخ المذهب الحنفي عند الجمهور, حيث يشرح  ابن حزم الاندلسي مفهوم الفقيه ابو حنيفة في الخمر فيقول ( أباح أبو حنيفة شرب نقيع الزبيب إذا طُبخ ، وشرب نقيع التمر إذا طبخ ، وشرب عصير العنب إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ، وإن أسكر كل ذلك ، فهو عنده حلال ، ولا حد فيه ما لم يشرب منه القدر الذي يسكر ، وإن سكر من شيء من ذلك فعليه الحد . وإن شرب نبيذ تين مسكر ، أو نقيع عسل مسكر ، أو عصير تفاح مسكر ، أو شراب قمح او شعير او ذرة مسكر ، فسكر من كل ذلك أو لم يسكر ، فلا حد في ذلك أصلا )( المحلى لابن حزم  ج12 ص378 مسألة2300)

استفاد المدمنون من هذا الحديث فشربوا كما يشتهون , قال الذهبي في ترجمة وكيع الجراح المتوفى سنة 197 هجرية:
(فرضي الله عن وكيع ، وأين مثل وكيع؟ ومع هذا فكان ملازما لشرب نبيذ الكوفة الذي يسكر الإكثار منه ، فكان متأولا في شربه ، ولو تركه تورعا لكان أولى به)( سير أعلام النبلاء ج9 ص143) , صار شارب الخمر عند الذهبي متأولا! فتأمل وزد عجبا.
وصار شراب المسكر عند عمر بن الخطاب كذلك مقبولا عند كتبة التاريخ وفقا للحديث المذكور! روى الحافظ بن عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه فقال:
(أن رجلا عبَّ  في شراب نُبذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة ، فسكر ، فتركه عمر حتى أفاق ، فحده ، ثم أوجعه عمر بالماء فشرب منه ، قال : ونبذ نافع بن عبد الحارث لعمر بن الخطاب في المزاد وهو عامل مكة ، فاستأخر عمر حتى عدا الشراب طوره ، ثم عدا ، فدعا به عمر ، فوجده شديدا ، فصنعه في الجفان ، فأوجعه بالماء ، ثم شرب وسقى الناس)( المصنف للصنعاني ج9 ص224) فالرجل المسكين شرب من نبيذ عمر حتى فقد وعيه من قوة المشروب , ربما لأن الرجل لم يشرب مسكرا من قبل ,أو لأن نبيذ عمر كان قويا يفوق غيره من الشراب , فالخليفة لم يكن يصيبه شئ من ذلك لتعوده على شربه , وعندما كان الناس يشربون من نبيذ الخليفة كان الخليفة يخففه بالماء كما روت الرواية , ومن يتقصى في البحث يجد أن الخليفة عمر كان لايفارق النبيذ , فحتى في يوم طعنه وقبل مماته طلب نبيذا ليشرب.  ان روايات شرب النبي للنبيذ هلل لها السكارى والخمارون وفرح لها سلاطين الجور والخلفاء فهي روايات تحلل شرب النبيذ وان خالفت نصوص القران وباقي الاحاديث , فهنيئا للسكارى هذا المكسب في حلية ماحرم النبي (ص) الكريم!

النبي شبِق, يُضاجع النساء وهن في الحيض!
تقول الاية الكريمة ( فاعتزلوا النساء في المحيض) ( البقرة 222), اي تجنبوا الممارسة ونساءكم في حيضهن ,وهو نص يتفق عليه الجميع. لكن الحديث الاتي يقول أن النبي شبق لايستطيع الامساك عن شهوته فيضاجع زوجته وهي حائض ,وهي عملية يأنف من فعلها الانسان السوي, لكن نبي الانسانية فعلها !
(حدثنا ‏ ‏عبد الله بن شداد ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏ميمونة ‏ ‏تقول :  ‏كان رسول الله ‏‏إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض .) .)صحيح البخاري ,باب الحيض, رقم الحديث 292).
 اذا كان النبي لايستطيع السيطرة على اربه, فما الذي منعه من مضاجعة نساءه الاخريات اللاتي ليس عليهن الحيض؟ لكنه أختار هذه الزوجة الحائض فواقعها وخالف نص الاية القرانية.  ان مثل هذا الحديث كثير في كتب الحديث والسيرة ,وكأن الرواي يريد أن يحقق خيالاته المريضة في شخص النبي فكان له ما أراد, ويروي الصحابي أنس بن مالك كذلك حديثاً في قدرة النبي على النكاح ليظهره بمظهر الرجل الخارق, وكأن النبي لا عمل له سوى المواقعة والمضاجعة مع نساءه ولايدل الحديث الاتي الا على شخصية واضعه .
(حدثنا أنس بن مالك ‏ ‏قال : كان النبي  ‏ ‏يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة قال : قلت ‏‏لأنس :‏ ‏أوكان يطيقه قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين ، ‏وقال  ‏سعيد ‏‏عن ‏ ‏قتادة ‏: ‏إن ‏ ‏أنسا ‏ ‏حدثهم ‏ ‏تسع نسوة). (صحيح البخاري , باب الغسل ,رقم الحديث 260). فهل كان أنس يتلصص على النبي (ص) أم كان يدخل معه في غرفه ليعرف أن النبي يضاجع نساءه؟ فقد  يدخل النبي على زوجته في غرفتها  ولكنه لا يواقعها , فكيف عرف أنس ان النبي واقع زوجته؟
لقد حقق راوي الحديث مأربه في الكلام عن رجل خارق في النكاح, ونرى مثل ذلك كثير عند الفسقة من الرجال عندما يتفاخرون بروايات المضاجعة والمواقعة ,ولم يجد الرواي أنس بن مالك غير النبي ليعلق عليه تلك القوة الخارقة. قد يكون أنس بن مالك هو حقاً راوي الحديث وليس الحديث متقول عليه ودليلنا على ذلك هو عداء أنس بن مالك لاعز الناس عند النبي وهو علي بن أبي طالب, فيروى أن انس بن مالك أنكر رواية حديث الغدير التي تثبت الخلافة لعلي بن أبي طالب فدعا  علي عليه لكذبه وتملصه من الحقيقة, فأصاب أنس بن مالك البهق فكان يتلثم ويغطي وجهه لما أصابه وكان يقول في اخريات أيامه : لقد اصابتني دعوة الرجل الصالح (راجع احتجاج الامام علي بحديث الغدير في فصل الامام علي).
ن

النبي لايتذكر القران وينسى اياته!
حافظة العرب اللغوية والشعرية من أقوى الحافظات كما تبين مصادر التاريخ , فكان احدهم يسمع القصيدة الطويلة مرة واحدة فيحفظها كلها , اما النبي محمد فكان افصح العرب , ويروى قوله (أعطيت جوامع الكلم) ( رواه الترمذي ومسلم ) , وتلك الفصاحة تتطلب قوة ذاكرة في اللغة وقد نال النبي ذلك وكيف لا وهو الذي أوتي جوامع الكلم. أن ذلك الكمال اللغوي عند النبي هو من خصائص النبوة , فالنبي في أمة لاتجاريها باقي الامم في الفصاحة والبلاغة وقوة البيان, فوهبه الله تلك الملكة اللغوية حتى فاق قومه وأعجزهم وهم أفصح الناس . لكن المحرفين والمدلسين لم يتركوا تلك الخصلة لمحمد فأختلقوا له قصة يظهر فيها ضعف ذاكرته اللغوية ونسيانه ! روى البخاري عن عائشة كذلك :
 قالت عائشة: ( سمع رسول الله ‏رجلا ‏ ‏يقرأ في سورة بالليل فقال: ‏ ‏يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا) .( صحيح البخاري , باب نسيان القرآن, رقم الحديث 4649).
لم يتحفنا البخاري ولم تذكر لنا عائشة ماهي تلك السورة العجيبة التي نسي آياتها النبي ؟ والدليل على كذب الحديث هو اسقاط الاية من النص فلماذا التعويض عن اسم الاية بقولها ( اية كذا وكذا) فهل هي الاخرى نسيت الاية فعوضتها بكلمة كذا وكذا ؟ ان الملاك جبريل كان يراجع القران مع النبي دائما ,وقد ورد قول النبي (ص) في أكثر من مقام ( أن جبريل يعارضني بالقران كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه الا حضر أجلي) (صحيح البخاري , فصل فضل القران). ويعني بقوله يعارضني أنه يراجعه معه كل عام . وهل القران عند العرب الاقحاح الفصحاء صعب الحفظ حتى ينسى النبي كتابه وتسقط كلمات من ذاكرته فيذكره بذلك رجل مجهول ويذكره باية لاتذكرها عائشة ولايذكرها بخاري فيسمونها باية كذا وكذا. ان التدليس واضح في الرواية و ذكرها البخاري انتقاصاً للنبي واسعاداً لاعداءه من طلقاء قريش ومنافقيهم, وكانت النتيجة نبي ضعيف الذاكرة ينسى قرانه وكتابه العظيم, ذلك الكتاب الذي يحفظه الصبيان  في عصرنا الحالي كما نراهم في مباريات  حفظ القران, لاتفوتهم اية ولايخطأون في حرف وبعضهم من غير العرب ,وينالون الجوائز على ذلك اثباتا للناس أن من يريد حفظ هذا الكتاب الكريم بأمكانه حفظه تماما. يقول الخالق تعالى عن كتابه ( وقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر)( القمر 17), لكن النبي محمد ينعته البخاري- كما تروي عائشة - بالنسيان وضعف الذاكرة ,فيا للعجب





النبي ينسى الصلاة ولايتوضأ
لاكمال صفة ضعف ذاكرة النبي وكثرة سهوه ونسيانه يخبرنا البخاري كذلك في حديث آخر أن النبي كان ينسى صلاته أحيانا وكان أحيانا يصلي من غير وضوء!
روى أبوهريرة: (صلى بنا النبي الظهر ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدمة المسجد، ووضع يديه عليها، وفي القوم يومئذ أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس. فقالوا: يا نبي الله أنسيت أم قصرت؟ فقال: لم أنس ولم أقصر. وكان في القوم رجل يدعى ذا اليدين فقال: بل نسيت يا رسول الله. قال: صدق ذو اليدين). للقبول بهذا الحديث أتى الفقهاء المتحذلقون  بحجة أن النبي فعل ذلك ليبين للناس الجواب الشرعي في حالة  النسيان عند اداء الصلاة ,ولاندري لماذا لم ينسى رجل من الناس قبل ذلك ثم يسأل الناس النبي عن كيفية اعادة الصلاة في حالة السهو؟ بالاضافة لهذا لماذا ينكر النبي نسيانه وتقصيره لعمر وابي بكر ثم يتنازل ويصدق مقالة ذو اليدين؟ هل ياترى كان يكذب على ابي بكر وعمر لكنه ندم واعترف بخطأه امام الحاح ذو اليدين. ان الحديث ليس الا تسقيطا للنبي وتعييبا له بالسهو والنسيان والاصرار على الخطأ, وهي خصلة يتسابق عليها المحرفون والحاقدون على النبي فصارت حقيقة في الكتب.
لم يكتف المحرفون بأكذوبة نسيان النبي وخطأه في عدد ركع الصلاة ,بل أضافوا أقبح من ذلك وهو صلاة النبي بدون وضوء كما يروي الحديث الاتي:
 ‏ ‏عن ‏ابن عباس ‏قال : ‏(نمت عند  ‏ميمونة  ‏والنبي ‏عندها تلك الليلة ‏ ‏فتوضأ ثم قام ‏ ‏يصلي فقمت على يساره فأخذني فجعلني عن يمينه فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم نام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ ‏قال ‏عمرو: ‏فحدثت به ‏بكيرا ‏ ‏فقال : حدثني ‏كريب ‏بذلك).( صحيح البخاري , باب الاذان رقم الحديث657, صحيح مسلم في  باب قيام الليل للصلاة.) لاحظ قول المحدث ( وكان اذا نام نفخ) فهو يريد اثبات نوم النبي  لان الرواي كان قال ان النبي ينفح حين نومه . من المعلوم أن النوم وفقدان الوعي  يستوجب الوضوء عند الافاقة فالنوم من مبطلات الوضوء ,ولكن وفقا لهذا الحديث يكون النبي محتالاً تقاعس عن الوضوء وذهب للصلاة وهي صفة أخرى تدل على نسيانه وسهوه في العبادات فيالها من غنيمة لطلقاء قريش وابناءهم لكي يفرحوا بهذا الانتقاص في حق نبي الانسانية.
ويروي البخاري كذلك عن جابر بن عبد الله: (إن النبي  جاء عمر بن الخطاب يوم الخندق فقال: يا رسول الله، والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بعدما أفطر الصائم.
فقال النبي :والله ما صليتها. فنزل النبي  إلى بطحان وأنا معه فتوضأ ثم صلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب)( صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب قول للنبي ما صلينا ) ويضرب هذا الحديث لنا عصفورين بحجر واحد كذلك ,فهو يبين ان النبي ينسى صلاة العصر حتى بعد غروب الشمس, ويذكره بذلك عمر بن الخطاب الذي صار في هذا الحديث أحرص من النبي على الصلاة فارتفع مقامه عن النبي ,وحاز المحرفون على وسام اخر في تأخير مقام النبي عن مقام عمر بن الخطاب كما فعلوا ذلك مع عثمان في حديث كشف الفخذ الذي تقدم ذكره في بداية الفصل هذا.



النبي يعبس في وجه الفقراء ويبش في وجوه الاغنياء
وصف الله نبيه الكريم في القران بأوصاف بينت حسن خلق النبي ,فهو رحيم بالناس عطوف طيب ليس بالفض ولا بالغليظ: ( ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)( آل عمران 159) ,( وأنك لعلى خلق عظيم)( القلم 4), وغيرها من صفات تنم عن خلق عظيم في التواضع والادب . هذه الاوصاف لم تعجب الطلقاء وأولادهم فاخترعوا تفسيراً يحط من مقام النبي ,ودعموه بآية قرانية وكانت الاية هي من سورة عبس ( عبس وتولى أن جاءه الاعمى )( عبس1). الاعمى في الاية هو الضرير الفقير ابن مكتوم وأنزلت هذه الاية فيه لتبين للناس أنهم سواسية من طينة واحدة لافرق بين غني ولافقير أو بين اعمى وبصير الا بالتقوى.
وخلاصة القصة أن النبي كان يدعو أحد وجهاء مكة الى الاسلام, فجاءه في تلك الساعة الضرير ابن مكتوم يسأله عن الدين فلم يتأفف النبي من الفقير الاعمى وكلمه تواضعا وحبا وليس هذا عجيبا على النبي ذو الخلق العظيم ,ولما رأى احد الرجال موقف النبي ذلك وكان من الاغنياء عبس وتكبر على ذلك الموقف فأٌنزلت اية (عبس وتولى أن جاءه الاعمى) لكي تبين لذلك الرجل الذي عبس ولتبين كذلك لكافة الناس أن بني الانسان سواسية لافرق بين صحيح وسقيم أو بين غني وفقير.  لكن المحرفين الذين كرهوا النبي فسروا الاية في  منحى آخر دفاعاً عن الرجل الذي عبس, فرفعوا تهمة العبوسة عنه والبسوها للنبي محمد, فقالو ان الاية انزلت كعتاب للنبي لأنه عبس في وجه الفقير الاعمى ابن مكتوم وبش وضحك في وجه احد كفار قريش في سبيل هداية الغني الكافر !
 ان النبي في نشر دينه لم يأخذ بدواعي الغنى والجاه , فرسالة الدين هي المساواة والعدالة فكيف يعظ النبي بذلك ثم لايطبق مايعظ به؟.
ويروى أن النبي(ص) قال (لأن يهدي الله بك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت) ( معجم الطبراني عن أبي رافع) ,ولم يقل لان يهدي بك رجلا قوياً أو غنياً , الغاية هي هداية الانسان,  والهداية هي من الله ولا مكان للحسابات الدنيوية المادية والناس سواسية كلهم من تراب, والنبي أعلم الناس بذلك. لكن المحرفين أقحموا الاية في تفسير ذلك وجعلوا من النبي عبوساً ,ولاندري كيف يصف الله النبي بالعبوسة مرة ويصفه مرة بأنه على خلق عظيم ! ان الرجل الذي يحمل قليلا من حسن الخلق يأنف عن العبوسة في وجه الفقير والمعاق بصرياً ,فكيف بنبي الله ورسول الانسانية بفعل ذلك وهو ذو الخلق العظيم؟
إن التحري التاريخي في وقت نزول الاية وسببها يبين أن الذي عبس لم يكن النبي,  وإنما رجل اخر ,وترجح الروايات ان الذي عبس وأنف من الضرير هو عثمان بن عفان بن أبي العاص الاموي وليس النبي محمد , ولعثمان عند قومه بني أمية شأن كبير فقد جملوا تاريخ حكمه وأظهروه بمظهر التقي المتواضع حتى فاق النبي في ذلك, ومثل ذلك تقدم ذكره في  حديث اضطجاع النبي وأفخاذه بادية حتى دخل عثمان فاستحى منه . كان هذا التفسير مثلبة أخرى في حق المفسرين الذي أنزلوا مقام النبي وشوهوا صورته ليغطوا على الخليفة الثالث عثمان بن عفان الغني المتكبر. ويصر المتعصبون أن النبي هو الذي عبس على الرغم من الادلة التاريخية ورغماً عن تناقض ذلك مع آيات القرآن ومع  سيرة  النبي وأخلاقه. ان النتيجة التي حصل عليها المتآمرون من تفسير الاية هي: نبي عبوس متكبر  ضعيف يأخذ بالاسباب المادية وينسى قوة القدر الالهي, وهي صفات يتبرأ منها من يحمل خلقا رفيعا ,لكن المتآمرين استكثروا الاخلاق والحكمة على النبي (ص)  !

النبي العاري
 من العارفي بيئة العرب أن يشاهد الناس عورة (الاعضاء التناسلية) الرجل, ولذلك لم يجد المحرفون والكارهون للنبي قصة افضل من تصوير النبي عارياً, فيروي البخاري على لسان ابوهريرة  قصة انكشاف عورة النبي أمام الناس . ان قصة كشف عورة النبي مستوحاة من الاسرائيليات التي بثها كعب الاحبار وغيره حيث يروي البخاري كذلك وعلى لسان ابوهريرة ايضا  قصة انكشاف عورة النبي موسى وهي قصة اوردها احبار بني اسرائيل لتشويه النبي موسى والحط من قدره ,وكذلك فعل المسلمون كأبي هريرة وكعب الاحبار, قال ابوهريرة:
(كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة . ينظر بعضهم إلى بعض . وكان موسى يغتسل وحده . فقالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آذر (كبير الخصيتين). فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر . ففر الحجر بثوبه . فخرج موسى في أثره يقول : ثوبي يا حجر . حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى . فقالوا : والله ما بموسى من بأس . وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا , قال الرواي  : والله . إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة . ضربا بالحجر وفي رواية :  فانطلق الحجر يسعى واتبعه بعصاه يضربه .. ونزلت ( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) (عن كتاب صحيح البخاري, باب الغسل, وكذلك صحيح مسلم ,باب الفضائل). ان ستر العورة من واجب كل انسان فكيف بالنبي موسى أن ينزل يغتسل عارياً؟ وهل جُن النبي حتى يضرب الحجر ضرباً وياله من حجر مكار يسرق ملابس النبي ويهرب بها , انها فكاهة وليست قصة فهل كان النبي محمد (ص) فارغاً من كل عمل ليسرد هكذا قصة  وهو الذي أوتي جوامع الكلم ؟ لقد وافقت الرواية عقول المحرفين من بني اسرائيل فصاغوا هذه الحكاية على موسىى تنزيلا لقدره , وكذلك فعل المسلمون  فصنعوا قصة انكشاف عورة النبي وفضيحته. ومثل ذلك روى البخاري:
(.....أن رسول الله  ‏ ‏كان ‏ ‏ينقل معهم الحجارة ‏ ‏للكعبة ‏ ‏وعليه إزاره فقال له ‏ ‏العباس ‏ ‏عمه يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلت على منكبيك دون الحجارة قال فحله فجعله على منكبيه فسقط مغشيا عليه فما رئي بعد ذلك عريانا ‏! )(صحيح البخاري ,باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها,حديث رقم 351 , وكذلك في صحيح مسلم , ومسند أحمد). وهكذا عرُّوا النبي من ملابسه في هذه الرواية ونقلها البخاري ولاندري مافائدة ذكرها سوى تبيانها أن العرب شاهدوا النبي عارياً وليس كذلك فقط بل سقط مغشياً عليه فاقدا وعيه حتى تمكن القوم من مشاهدته عارياً فاقداً لوعيه.  كيف بالنبي آنذاك وهو الرجل البالغ يُعلمه عمه كيف يضع أزاره وكيف يحله ويجعله على منكبيه؟ ولماذا يسقط الثوب عن النبي فقط ولم يسقط عن غيره من رجال قريش؟ إنها رواية مفرحة لطلقاء قريش واليهود الذي بغضوا النبي فأضافوا رواية العري هذه لتكتمل الصورة  عن نبي عار ينسى الصلاة ويحاول الانتحار يشرب النبيذ ويظهر افخاذه لضيوفه وغيرها من افتراءات.




النبي يبول واقفاً
 ناأنيبي في اكثر من حديث ينهى النبي (ص) عن التبول وقوفاً ,لكن العرب ارادوا أن يلوثوا سمعة نبيهم بكافة السبل ,فقالوا أنه كان يبول واقفا ويفحج بين رجليه!
وهو فعل يأنف منه الرجل من عامة الناس فما بال نبي الانسانية يعمل بما ينهى عنه ! عن المغيرة بن شعبة الفاسق قال:
( أن رسول الله أتى على سباطة بني فلان فبال قائما . قال حماد بن أبي سليمان : ففحج رجليه)( مسند أحمد ج4 ص246  ، السنن الكبرى للبيهقي ج1 ص101 ، المعجم الكبير للطبراني ج20 ص405 ح ) , وكذلك عن حذيفة ، قال : ( أتى النبي (ص) سباطة قوم فبال قائما ، ثم دعا بماء ، فجئته بماء فتوضأ)( فتح الباري ج1 ص435 ح224 ، وص437 ح226 ، وج5 ص148 ح2471  )
من الداعي للعجب  أن هناك احاديث تبطل الحديثان أعلاه, من ذلك قول عائشة: ( مابال رسول الله قائما منذ أنزل عليه القرآن) (مسند أحمد ج6 ص136 ومابعدها ، مسند أبي عوانة ج1 ص198 ، المستدرك على الصحيحين ج1 ص181  ، السنن الكبرى للبيهقي ج1 ص101 ، ناسخ  الحديث ومنسوخه ص79) وقال الحاكم في مستدركه بأن حديث عائشة هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه  ! ( المستدرك على الصحيحين ج1 ص295 ح660 ) , تأمل أن عائشة تقول أن بعد نزول القرآن لم يبل النبي قائما , أي أنها تضع أحتمال بوله وقوفا قبل الرسالة !من أين عرفت ذلك عائشة والنبي تزوجها بعد الهجرة الى المدينة أي بعد نزول القرآن بأكثر عشر سنين ؟ لكنها كعادتها تدلي دلوها في كل مسألة . أن البخاري  لايذكر حديث عائشة التي تقول فيه ( مابال رسول الله قائماً) وان صحت شروط الحديث عنده, وكذلك فعل مسلم في صحيحه. هذا يبين أن كتب الحديث عند الجمهور منتقاة للحط من شخصية النبي , إن البخاري وضع كتابه في عهد الخليفة العباسي المتوكل وبمباركة الخليفة نفسه , وتقدمت  سيرة المتوكل وتدوين كتاب البخاري في فصل (استمرار المؤامرة).

  كلام النبي لغو ولامعنى له
خرج المحرفون لرسالة الدين بنظرية عجيبة دعموها بأحاديث نسبوها للنبي محمد(ص). تقول النظرية أن من سبه الرسول أو لعنه فأنه مغفور له ! وفقاً لهذه النظرية صار الملعونون في أمان من لعن سيد الخلق وغُفرت لهم ذنوبهم . بطبيعة الحال واضعوا هذه النظرية هم من انصار الذين لعنهم وسبهم الرسول ونفاهم وطردهم من حضرته, وللالتفاف حول هذا المشكل خرجوا بهذه النظرية وضمنوا لطلقاء قريش وللمنافقين ولباغضي النبي مغفرة وأجرا كبيراٌ !
عن عائشة قالت : (دخل علي النبي ( ص ) بأسير فلهوت عنه فذهب فجاء النبي  فقال : ما فعل الأسير . قالت : لهوت عنه مع النسوة فخرج . فقال : ما لك قطع الله يدك أو يديك . فخرج فآذن به الناس فطلبوه فجاؤا به فدخل علي وأنا أقلب يدي فقال : ما لك أجننت ؟ قلت : دعوت علي فأنا أقلب يدي أنظر أيهما يقطعان فحمد الله وأثنى عليه ورفع يديه مدا وقال : اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهورا) (أحاديث أم المؤمنين للعلامة العسكري, ونقله عن مسند أحمد ج6 ص 52.). لماذا يؤَمن النبي زوجته على أسير ؟ وإذا كانت عائشة قد كررت عشرات المرات أنها صغيرة السن وسفيهة , فكيف يؤمنها النبي على أسير؟ , وتروي عائشة  كذلك  أن النبي  بعد أن لعن وسب بعض الاعراب قال لها أما علمت يا عائشة اني قلت لربي فيما بيني وبينه انما أنا بشر اغضب فأي دعوة دعوت بها على غضب على احد من أمتي أو احد من أهل بيتي أو أحد من أزواجي فاجعلها له بركة ومغفرة ورحمة وطهورا)( أحاديث عائشة للعسكري وعن كنز العمال) . ومثله روى ابوهريرة عن النبي (ص) قال: (اللهم فأيما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة), وكذلك : (إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فايما مؤمن سببته أو جلدته فاجعل ذلك كفارة له! )( النصوص عن أحاديث عائشة للعسكري ومصادره كنز العمال باب الافعال والاخلاق المذمومة ,صحيح مسلم, ,مسند أحمد). وهكذا جعلوا  كلام النبي في أعداءه لغوا و ماقاله في لعنهم وسبهم لفضحهم  لم يكن إلا مغفرة لهم ورحمة !
نال الطلقاء حصانة ضد اللعن بهذه الاحاديث وأولهم معاوية بن أبي سفيان!
عن ابن عباس قال : (كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول الله ( ص ) فتواريت خلف باب ، قال : فجاء فحطأني حطأة  ( الحطأة هي الضربة باليد المفتوحة) وقال : اذهب وادع لي معاوية قال : فجئت فقلت : هو يأكل . قال : ثم قال لي : اذهب فادع لي معاوية قال : فجئت فقلت : هو يأكل لا فقال : لا أشبع الله بطنه ) (مسند أحمد) . انبرى الذهبي اموي الهوى في الدفاع عن معاوية فقال في لعنة النبي لمعاوية : (لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي ( ص ) : اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة) ( تذكرة الحفاظ للذهبي صفحة 698) , وهكذا نال الملعونين حصانة .
لعن النبي (ص) اناس كالحكم بن أبي العاص ومروان بن الحكم كما في قوله (ص) : (ائذنوا له حية أو ولد حية عليه لعنة الله وعلى كل من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم ، وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ويوضعون في الآخرة - ، ذوو مكر وخديعة يعظمون في الدنيا وما لهم في الاخرة من خلاق) ( احاديث عائشة للعسكري ونقله عن المستدرك للحاكم ج4 ص 479) ,ومثل ذلك ما رواه بن عوف قال : (كان لا يولد لأحد مولود إلا اتي به النبي ( ص ) فدعا له ، فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال : هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون)( المصدر السابق)
ولعن النبي كذلك اباسفيان وابنه معاوية بحضور الناس كما روى العلامة العسكري (  اخرج ابن سعد في طبقاته بترجمة نصر بن عاصم الليثي عن ابيه قال: ( دخلت مسجد رسول الله ( ص ) واصحاب النبي ( ص ) يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، قلت ما هذا ؟ قالوا : معاوية مر قبيل هذا اخذا بيد ابيه ورسول الله ( ص ) على المنبر فخرجا من المسجد فقال رسول الله  فيهما قولا )، ولم يصرح ابن سعد بقول رسول الله وانما صرح به ابن الاثير في اسد الغابة وابن حجر في الاصابة بترجمة عاصم الليثي حيث قالا : روى عنه ابنه نصر أنه قال : (دخلت مسجد النبي ( ص ) وأصحاب رسول الله يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، قلت : مم ذاك ؟ قالوا : ان رسول الله كان يخطب آنفا فقام رجل فأخذ بيد ابنه ثم خرجا ، فقال رسول الله ( ص ) : لعن الله القائد والمقود ، ويل لهذه الامة من فلان ذي الاشباه .) ان ابن سعد ذكر اسم معاوية في الرواية ولم يذكر ما قاله الرسول صونا لكرامة معاوية وابي سفيان ، وابن الاثير وابن حجر ذكرا قول الرسول ( ص ) ولم يذكرا اسم القائد والمقود)( أحاديث عائشة للعلامة العسكري عن طبقات ابن سعد ج 7 ص 78 واسد الغابة ج 3 ص 76 والاصابة لابن حجر ج 2 ص 237).
قال ابن حجر ذاباً عن معاوية ومروان والحكم : ( ولعنة النبي للحكم وابنه لا تضرهما لأنه ( ص ) تدارك ذلك بقوله مما بينه في الحديث الآخر : انه بشر يغضب كما يغضب البشر ، وانه سأل ربه ان من سبه ولعنه ، أو دعا عليه ان يكون ذلك رحمة وزكاة وكفارة وطهارة)( احاديث عائشة للعسكري وعن الصواعق  لابن حجر ص 179 ). وهكذا يفضل ابن حجر أن يجعل كلام النبي لغوا لامعنى في سبيل تبرئة معاوية والحكم وغيرهم من طلقاء مكة.
 لماذا يلعن النبي (ص) أناسا ثم تصبح لعنته لهم غفرانا ؟ وهو القائل : ( المؤمن ليس بطعان ولابلعان ولا بالفاحش البذئ)( مسند أحمد ج 1 ص 405 الحديث 3839) , ويقول كذلك ( لعن المؤمن كقتله )( كنز العمال ج3)
لقد صور المتقولون النبي  صاحب مزاج متقلب لايستطيع الامساك عن اللعن  لضيق صدره وعصبيته , ولكن كيف الذي وصفه الله بصاحب الخلق العظيم لايستطيع أن يمسك نفسه عن لعن إنسان في لحظة الغضب؟  ألا يعلم النبي أن الله أرسله رحمة للعالمين فكيف يرغي بالسباب واللعائن على الناس, ثم يتراجع عن أقواله بحجة الغفران قا. ومثل ذلك ماروت عائشة كما تقدم عندما قال لها النبي بعد هروب الاسير : (مالك قطع الله يديك!), هل حقا يتلفظ النبي بهذه الالفاظ السوقية جزافا مع زوجته ؟
إن النبي أعظم من أن يتحكم فيه مزاجه فيسب الناس بلا سبب, انما هو يلعن من يستحق اللعنة ليبين للعالم أن هؤلاء الملعونين هم أخس الناس وأرذلهم فعلى الناس تجنبهم والاحتياط منهم. لكن أنظمة التحريف اصطنعت منفذا لانقاذ الملعونين على لسان النبي, فاوجدوا كذبة أحاديث المغفرة والرحمة, وليس كذلك أنما أضافوا لها أن النبي عاجز عن التحكم بمزاجه ولهذا السبب تجاوز الله له عن ساعات الغضب تلك وأبدل الملعونين بمغفرة ورحمة .ان الذين لعنهم النبي سيظلون في خانة اللعن الى النهاية ,فالنبي لاينطق عن الهوى وهو الذي بُعث ليتمم مكارم الاخلاق ومن كانت أخلاقه بهذا السمو يترفع عن لعن الناس بلا سبب, لقد لعن النبي أناس وترك لعن غيرهم, فالذين لعنهم ملعونون الى الابد واكذوبة الغفران والرحمة  بدعة من مستحدثات المتآمرين.

النبي يخرف في يومه الاخير
كانت أحاديث السهو والنسيان والنوم عن الصلاة والخطأ في الفتوى مقدمة لالصاق صفة الخرف والهذيان بالنبي يوم موته, وربما العكس ونعني أن وضع صفة الهذيان والتخريف على النبي ساعة احتضاره صار مقبولا عند الفقهاء وعوام الناس عندما علموا أن النبي ينسى صلاته وينام عنها ويُسحر ويتخيل أشياء ويصيبه الاكتئاب ويسعى للانتحار وغيرها من صفات المحرفين للنبي (ص). لقد وصف القرآن النبي (ص) بانه لاينطق عن الهوى ,لكن المسلمين ساعة احتضاره لم يسمعوا وصيته  وتحججوا بأن كلامه  تخريف ميت  ,فيطردهم النبي من حضرته , وقد تقدم ذكر ذلك في بداية الكتاب ومنه مايلي:
عن ابن عباس قال: (يوم الخميس وما يوم الخميس - ثم بكى حتى بل دمعه الحصى - اشتد برسول الله وجعه فقال: آتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي. فتنازعوا، وما ينبغي عند نبي تنازع، وقالوا: ما شأنه، أهجر؟ استفهموه, قال الرسول : دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه)( صحيح البخاري , كتاب المغازي, باب مرض النبي, ج5 ص511)
وروى مسلم : (لما حضر رسول الله وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب. فقال النبي : هلم أكتب لكم لا تضلون بعده. فقال عمر: إن رسول الله  قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله ، قال: قوموا. فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما خال بين رسول الله  وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم)( صحيح مسلم , باب ترك الوصية ج4 ص 171).
هذا الحديث يبين أن القوم ومنهم عمربن الخطاب  كانوا النواة الاولى في الحط من النبي وتشويه مقامه  ,فالله يقول لهم ان نبيكم لاينطق عن الهوى ولكنهم يقولون أن الوجع قد غلبه وهو ( يهجر)يهذي , وقد تحققت لهم بذلك غايات أولها انتحال السلطة واغتصابها كما تقدم  في فصل السقيفة والبيعة.

النبي يموت ولايوصي بوصية !
قام المحرفون وفقهاء الدولة وساستهم بوصف النبي بالاهمال والتقصير في اداء الرسالة فجعلوا منه قائداً يموت ويترك امته و عائلته وذويه بلا وصية ,والانكى من ذلك يموت وكتاب الله مفرق على الرقاع والاكتاف مكتوب بعضه على الخرق وجذوع الاشجار وبعضه يحفظه الناس. فيا للعجب كيف يترك النبي دستور دولته بلا جمع وهو الذي كان يعلم موعد وفاته وسنة رحيله : فهل حقاً مات النبي دون أن يوصي اهله وامته والناس اجمعين بوصايا ؟
عن عائشة بنت أبي بكر قالت : ( ما ترك رسول الله دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرة ولا أوصى بشئ )( صحيح مسلم, باب الوصية)
تأمل قولها : ولا أوصى بشئ ! وهو قول خطير في حق النبي يناقض قوله (ص): (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) (متفق عليه)
 ولما تسائل القوم  في هل أن النبي أوصى للخلافة من بعده لعلي بن أبي طالب ؟ تجيب عائشة بما يلي :
 ( متى أوصى إليه ؟ وقد كنت مسندته إلى صدري أو حجري . فدعا بالطست . فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات . فمتى أوصى إليه؟)( البخاري , باب الوصية, وكذلك يروى ذلك مسلم في صحيحه في باب الوصية) . الضمير في (إليه) يعود الى علي وقول عائشة : متى أوصى إليه . أنما تعني به متى أوصى النبي لعلي بن أبي طالب.
  على قول عائشة اعلاه يموت النبي في حضن حبيبته ويترك امته بلا وصية !
لقد مررت عائشة ادعاءها  بقولها أن النبي مات في حجرها ولم يوص, وكأن الذي يوصي عليه أن يوصي في لحظته الاخيرة وهو في النزع  الاخير .إن الوصية لاتعني أن الانسان يوصي قبيل ساعة وفاته, فالوصية وفقا لأحكام الاسلام يجب أن تتم  قبل وفات الانسان  بسنين , فالاعمار بيد الله ولا يدري ابن ادم اوان ساعة رحيله, فهل كان النبي بهذه السذاجة ليترك أمته وعائلته وأهل بيته بلاوصية ويبقى منتظرا ساعة وفاته ليوصي بكلمات ؟ لقد كرر النبي أكثر من مرة قوله (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)( صحيح مسلم , باب الوصية), ولم يكن يفوته فيأجل وصيته بالخلافة وبالقران وبميراث أهله في لحظاته الاخيرة, بل هو أوصى بالخلافة وبالكتاب وبميراث أهله قبل وفاته بأشهر وسنين , وما حديث الغدير الذي تقدم ذكره في فصول الكتاب ألا مثلا على وصية الرسول بالخلافة ولم يكن النبي لينسى ذلك ويؤجله لساعته الاخيرة قبيل رحيله.
لقد كان مراد التآمرين هو تنحية الامام علي عن الخلافة , فلا تجد تحريفا للدين وتزويرا للحقائق الا وتجد ان الدافع الاول لذلك هو السلطة والصراع عليها, , لذلك هلل المعادون لعلي بن أبي طالب لاحاديث عائشة ونشروا تلك الاحاديث ليخدعوا بها عوام الناس وانطلت الخدعة على الناس حتى يومنا هذا.
اما الطامة الاخرى في تشويه مقام النبي والحط منه فكانت في موت النبي وكتاب الله مفرق غير مجموع وغير مكتوب, فكيف يموت النبي والقران مفرق , والقران ليس بذلك الكتاب الطويل الذي يحوي الاف الصفحات وانما هو القران الذي نراه الان ويحفظه كثير من الناس غيباً, فهل استعصى على النبي جمع القران في حياته ليموت والقران مفرق على الرقع والخرق وعلى جذوع الاشجار؟  يقول المتآمرون أن جمع القران  تم بعد وفاة النبي في عهد ابي بكر ثم يقولون أن  القران جُمع مرة اخرى في عهد عثمان  , وكيف يجمع عثمان القران اذا كان ابوبكر وعمر جمعاه ؟ لقد صور المحرفون -من الخلفاء والسلاطين وكتبة بلاطهم من الفقهاء - النبي مهمل يموت من غير وصية ويموت وكتاب الدين مبعثر هنا وهناك وهي وصمة اخرى صفق لها المحرفون والمدلسون واعداء النبي الهاشمي.



عائشة ودورها في تشويه شخصية النبي
ساهمت عائشة بنت أبي بكر مساهمة كبيرة في تشويه شخصية النبي والحط من مقامه ربما عن غير قصد كما يتمنى البعض, وقد تكون الحقيقة عكس مايتمنون! إن الحصيلة من جراء ذلك كانت  تراثاً مشوهاً لرجل نعته الله بأسمى النعوت  ووصفه بصاحب الخلق العظيم, لكن روايات عائشة أنزلت مقام النبي الى مقام عامة الناس . تقدم ذكر بعض من روايات عائشة في هذا الفصل , أما ما سيأتي  فهو بخصوص روايات روتها عائشة كذلك, و فيها  تصف عشق النبي لها عشقاً يجعله يهمل زوجاته الاخريات وكما يلي:
 عن أبي هشام قال: (إن رسول الله (ص) لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول: أين أنا غداً؟ حرصاً على بيت عائشة. قالت عائشة: فلما كان يومي سكن) (صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة، ج 5 ص 77). وفي رواية صحيح مسلم: (... أين أنا اليوم؟ أين أنا غداً؟ استبطاء ليوم عائشة. قالت عائشة: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري) (  صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة، ج 5 ص 299.  ) .تأمل قولها ...فلما كان يومي سكن! ولاندري هل الذي يصارع الموت في ساعات مرضه الاخير  يهمه في أي بقعة يموت حتى يتمنى موته في حجرة عائشة! لكن عائشة تصر على رفع مقامها على باقي النساء وعلى باقي الناس لتنال حظوة عند النبي ولايهمها اذا ماصورت النبي بتلك الصورة المشينة من ضعف واستكانة تحكمه شهواته وصباباته حتى في لحظاته الاخيرة.
وتروي عائشة أيضاً: (كان رسول الله إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي  تبتغي بذلك رضا رسول الله ) (صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب هبة المرأة لغيرزوجها، ج 3 ص 462). ياللعجب حباً للنبي تهب سودة بنت زمعة ( سودة زوجة اخرى من زوجات النبي ) يومها  لعائشة حتى تنال الحظوة عنده ولاندري أليس الاولى أن تروي الرواية سودة بنت زمعة كي تظهر أيثارها وتنازلها عن يومها حبا في تمتيع النبي , لكن  الرواية تنفرد بها عائشة !
وتروي عائشة كذلك: (إن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول الله ) (صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة، ج 5 ص 296)... وكانت أم سلمة تغار من ذلك، فقال لها النبي : (يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة  منكن غيرها!)  (صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة، ج 5 ص 78 ),  الحديث الاخير تنفرد به عائشة عن غيرها كذلك فلم ينطق به سواها وجعلت أن الوحي كان ينزل على النبي وهو مضطجع معها !
ثم تنفرد عائشة مرة أخرى بحديث  تبين غيرة النساء منها وحسدهن لها فتزعم كما يلي : (أرسل أزواج النبي  فاطمة إلى رسول الله  فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها فقالت: يا رسول إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة يعني عائشة - فقال لها النبي : أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟ فقالت: بلى، قال: فأحبي هذه... إنها ابنة أبي بكر)( صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة، ج 5 ص 296 - 298 ). عائشة لم تترك فرصة واحدة لأظهار صغر سنها وجمالها وعشق النبي اللامتناهي لها , حتى طغت رواياتها في كتب الاحاديث فصورت رواياتها النبي وكأنه رجل لاهم له سوى مضاجعتها . فيما يلي بعض من أحاديث عائشة التي تعكس طبائع شخصيتها  التي لعبت دورا كبيرا في تشويه صورة النبي محمد (ص).
تقول عائشة : (كنت أنام بين يدي رسول الله ( ص ) ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتهما قالت : والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) (أحاديث عائشة للعلامة  العسكري وعن صحيح البخاري باب الصلاة على الفراش, صحيح مسلم باب الاعتراض بين يدي المصلي   )
على راواية عائشة هذا يبدو النبي  في صلاته  مشغول بغمز رجل زوجته لتقبضها كي يستطيع السجود! هل كان مستعصيا على النبي أن يبتعد خطوة أو أكثر عن محل نوم عائشة فيصلي في سلام بمنأى عن مشاكسات زوجته؟ لكن عائشة تقحم نفسها حتى في صلاة النبي , أين الخشوع في صلاة يصليها الانسان إذا كان في كل سجود يغمز رجل حليلته ؟وكيف بالنبي أن يفعل ذلك وهو قدوة الامة؟ لكن عائشة لاتهمها النتائج سوى نتيجة واحدة وهي أنها صغيرة وجميلة ومرغوبة .
تأمل هذه الرواية التي ترويها عائشة بخصوص الحيض : فتقول روايتها أن الحيضة طرقتها ورأت دم الحيض في ثوبها وكان النبي حين ذلك قائم يصلي فأشارت إلى النبي بذلك الثوب والثوب فيه دم  فاشار إليها النبي (ص) وهو في الصلاة  ان اغسليه فغسلت موضع الدم ثم اخذ رسول الله ذلك الثوب فصلى فيه! والنص كما يلي (انها طرقتها الحيضة من الليل ورسول الله  يصلي فأشارت إلى رسول الله  بثوب وفيه دم فأشار إليها رسول الله  وهو في الصلاة اغسليه فغسلت موضع الدم ثم أخذ رسول الله  ذلك الثوب فصلى فيه) ( مسند أحمد ج6 ص 66,  ,وعن كتاب احاديث عائشة لمرتضى العسكري)
  هل كان النبي  يصلي عاريا من غير ثوب حتى أحتاج لثوبها الملطخ بدم الحيض ؟ ولماذا تستشير النبي في غسل ثوبها ألا تعلم أن الصلاة لاتجوز في الثوب الذي فيه دم ؟ولماذا تسأل النبي وهو في صلاته ألا تصبر حتى ينهي صلاته فتسأله؟ .  هذه الرواية لا وقع لها عند كل صاحب عقل فكيف مررت عائشة هذه الرواية على عقول الكتبة فقيدوها . ومثل الرواية التي سبقتها يبدو أن غاية عائشة هي اظهار حب النبي لها وعشقه, فهو يكلمها بالاشارة حتى في صلاته  فهل هناك مقاماً  أبعد شأواً من هذا. إن غرام النبي وشبقه لعائشة كما تصوره لنا على لسانها لايوقفه حتى الصوم !تقول عائشة : ( أهوى إلي رسول الله ليقبلني فقلت : اني صائمة قال : وأنا صائم فأهوى إلي فقبلني.)( مسند أحمد ج6 ص 134 , وعن احاديث عائشة للعسكري). تأمل قولها ( أني صائمة) وكأنها تعلمه بدينه وتذكره بأن قبلة الصائم لاتجوز ,لكنه وحسب قولها يجيبها أنه صائم كذلك ولكنه لايستطيع الامساك عن تقبيلها. أن قولها له أني صائمة يعني أن الصائم لايجوز أن يقبل حيث لابد أن قد قال النبي قبل ذلك شيئا عن عدم تجويز القبلة للصائم, ولهذا قالت له مذكرة أني صائمة لكنه لايبالي كما تصوره عائشة بذلك ولايستطيع مقاومة شبقه فيقبلها ويخالف تعاليم دينه.  ثم تسرد عائشة  وصف حب النبي الشبقي لها فتقول في أكثر من موضع : ان النبي كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها  . وتقول كذلك : ان رسول الله ليظل صائما ثم يقبل ما شاء من وجهي حتى يفطر ( مسند أحمد ج6. وكذلك يروي البخاري في صحيحه ج1 باب القبلة للصائم ).
 إن الصائم لاتحل له المداعبات مع زوجته , ولايحل له ولا لزوجته الصائمة أي افعال قد تؤدي الى المضاجعة ومن ضمن تلك الافعال التقبيل والضم, لكن روايات عائشة تظهر أن النبي كان يقبلها ويضمها بل يواقعها وهو صائم , فهي تستمر بسرد عشق النبي الفاضح لها  لايعنيها من ذلك سوى أشهار هيام النبي بها فتروي كما تشاء ,وليس كذلك بل هي تفتري أكثر من ذلك حين تذكر أن النبي كان يضاجعها في صومه  دون أن يلج فيها حيث يضع على فرجها ثوبا! كما يروي أحمد في مسنده ( مسند احمد ج6 ص 59  , باب يباشرها وهو صائم,  عن كتاب احاديث عائشة للعسكري)., فياللعجب . وتذكر عائشة : وفي سنن أبي داود في حديث لعائشة قالت : اخبرك بما صنع رسول الله ( ص ) ؟ دخل فمضى إلى مسجده   فلم ينصرف حتى غلبتني عيني واوجعه البرد فقال : ادني مني فقلت : اني حائض فقال : وان ، اكشفي عن فخذيك فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ ونام ( سنن ابي داود ج1 ص 34,  أحاديث ام المؤمنين للعلامة العسكري)
هل كان النبي في حديث كشف الفخذ هذا بحاجة الى يعري زوجته لينام على فخذها ,وليس كذلك فقط بل وهي حائض ,والقران يقول اعتزلوا النساء في المحيض! لكن عائشة تروي هذه الرواية لتري أن النبي لاتهمه قوانين السماء أمام شبقه اللامتناهي لها , وهو لايضع خده على فخذها العاري فقط بل يضع صدره كذلك فكيف وسع فخذها الخد والصدر معا, ياللعجب, وتروي  عائشة  كذلك روايات أخرى أقبح مما تقدم ذكره ليسمع الناس عشق النبي لها. ولاندري لماذا لم نسمع من زوجاته الاخريات اسرار غرفة النوم كما أذاعتها عائشة  ,ولماذا ازدحمت كتب الحديث بهذه المواقف المثيرة على لسان عائشة فقط, ومافائدة نوم الرجل على عري فخذ زوجته  في الاحكام والشريعة عند المسلمين ؟ بهذه الاحاديث وغيرها كثير ساهمت عائشة مساهمة فعالة في أنزال مقام النبي وتشويه صورته للعالم ولازال المسلمون الى يومنا هذا يعانون من عقبة تلك التحريفات.
المتأمل في الروايات اعلاه يستشف أن عائشة انفردت برواية تلك الاحاديث, ولم يروها غيرها, فهي التي تروي وتجمل صيتها لرفع مقامها ,وهي التي تخيط وتفصل كما يحلو لها لتلبس ثوب الحظوة والمكانة السامية عند النبي , غير مبالية بما سيؤول اليه الحال للنبي ومقامه فالمهم عندها نفسها فقط . هذه الشخصية الانانية الحسودة سار بها الغرور الى أن  خالفت نصوص كتاب الله بعد موت النبي  وضربت بوصايا النبي عرض الحائط, ولم تردعها ايات القران التي نزلت في نساء النبي حيث يخصص القران فيهن ( وقرن في بيوتكن )( الاحزاب 33) فلم تقترن ببيتها , بل خرجت  من بيتها وخدرها راكبة جملها لتؤوجج أغبى حرب في التاريخ, وهي معركة الجمل التي تقدم ذكرها في فصل ( الامام علي) تلك التي كانت سببا في مقتل عشرين ألف أنسان! لقد عصف بها الغرور الى أن فقدت رشدها وأعمتها الانانية وحب الظهور ولم تسكن حتى اخر يوم في حياتها .أن تقولات عائشة التي ترفع بها مقامها وتنزه نفسها وتجمل أعمالها شوهت سيرة النبي العظيم وجعلت منه رجلا شبقاً لاتسكن رغبته المحمومة الا في احضانها , وجعلت وحي الله المقدس لاينزل الا في بيتها والنبي في فراشها . لقد هلل الطلقاء والحاقدون على النبي لاحاديث عائشة  وترجموا أقوالها للحط من النبي فهي الشاهدة والراوية وهم كتاب تلك الروايات , ولم يكن ليفوت آل أمية وبالاخص معاوية بن أبي سفيان الذي استغل خصلة عائشة في بغض عدوه علي بن أبي طالب فسطر كُتابه ووعاظه روايات عائشة ورفعوا مقامها فأمتلأت كتب الحديث باقوالها واحاديثها وغمرت العتمة باقي نساء النبي اللاتي قلما نسمع لهن حديثاً الا ماماشى رغبة خلفاء الجور .

أكذوبة زواج النبي بعائشة وهي طفلة
كان من افتراءات عائشة وعشقها لنفسها أن صورت نفسها بأنها صغيرة السن وكأن عجلة الزمن لاتدركها, فلم تدع فرصة الا وانتهزتها لتبين صغر سنها وهي خصلة يفعلها كثير من بنات حواء ,وتغافل المؤرخون عن هذه الخصلة الانثوية فيها فأخذوا باقوالها رغماً عن مخالفتها للواقع التاريخي, وجعلوا من رواياتها مصدراً مهما لتقصي حقائق التاريخ, وفاتهم أن الذي تحكمه أهواءه وحبه لنفسه لايذكر تمام الحقيقة .
 وفقا لاقوال عائشة يقول جمع من المؤرخين والكتاب أن النبي تزوجها وهي ابنة ست سنين ودخل بها وهي في التاسعة من عمرها! وتقول  عائشة بخصوص زواجها  :
 (تزوجني النبي  وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين!) ( كتاب صحيح البخاري ,باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها ) .قولها في الرواية ..فأسلمتني اليه .. تعني به أن أمها (أم رومان) أسلمتها للنبي وهي بنت تسع سنين. فهل حقاً تزوج النبي من طفلة عمرها تسع سنين؟ 
ان حب عائشة اللامحدود لتصغير عمرها كحال بعض بنات حواء هو السبب في الحديث أعلاه ,فهي تفضل أن يدخل النبي في طفلة عمرها تسع سنين ولاتهمها نتائج قولها ذلك مادامت النتيجة توصل الناس الى التصديق بصغر سنها وحداثتها. تأمل رواية عائشة الاتية بخصوص موت النبي ولايفوت عائشة أن تقحم في الرواية أنها صغيرة السن!
 (عن ابن إسحاق قال ,حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ،عن أبيه عباد قال : (سمعت عائشة تقول : مات رسول الله (ص) بين سحري ونحرى وفي دولتي لم أظلم فيه أحداً فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله (ص) قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم )(مسند أحمد بن حنبل ج6 ص274.) وفي رواية اخرى تقول ( فمن سفهي وحداثة سني أنه قبض في حجري فوضعت رأسه على الوسادة وقمت ألتدم مع النساء). الالتدام هو ضرب الوجه باليد أثناء النياحة علامة على الحزن .
 إن عائشة تتحدث عن موت النبي, وإذا بها تقحم في الرواية صغر سنها وانها قليلة الوعي فقامت تلطم مع النسوة لانها سفيهة وحديثة السن كما زعمت . وفقا لروايات عائشة  يكون عمرها حين وفاة النبي  تسعة عشر عاما تماماً , لانها تقول أنها لها تسع سنين من العمر عند القدوم الى المدينة والنبي مات بعد عشر سنوات من القدوم الى المدينة وبأضافة التسع سنين من العمر الى عشر سنين تكون النتيجة تسعة عشر عاما تماما !  في بيئة العرب تلك لا تعتبر المرأة في ذلك السن سفيهة وحديثة السن؟ لكن عائشة تمرر هذه الحقيقة وتقحمها في قصتها فالتقطها الباحثون ليقولوا بصغر سن عائشة وحداثتها بينما هي إمرأة في العشرين , هذا اذا سلمنا جدلا بصغر سنها عند زواجها من النبي ولكن بعد تقصي روايات أخرى يتبين في أن عمرها حين وفاة النبي كان قد تجاوز العشرين وكما يلي:
روى البخاري على لسان عائشة رواية وفيها تؤكد صغر سنها وحداثتها فتقول:  (لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل الحبشة)( البخاري –باب جوار ابي بكر في عهد النبي) . رواية عائشة هذه تتضعضع  أمام حقائق تاريخية اخرى , فقد هاجر المسلمون الى الحبشة في السنة الخامسة تقريبا للبعثة النبوية ,واذن عائشة كانت تتذكر ذلك حسب حديث البخاري أعلاه حيث تقول انها تتذكر ان ابواها مسلمين عندما بدأت تعي ماحولها وهي طفلة . ان أقل العمر الذي يتذكر فيه الطفل هو ثلاث الى اربع سنوات ويعني ذلك ان عائشة كان عمرها على اقل تقدير أربع سنين عند هجرة الحبشة هذا اذا لم تكن اكبر من ذلك . بعد حوالي ثمان سنين من هجرة الحبشة يهاجر المسلمون الى المدينة وبأضافة هذه السنين الثمان الى عمر عائشة التقريبي الذي قدرنا بأنه  اربع سنين يكون عمرها عند هجرة المسلمين الى مدينة يثرب اكبر من اثني عشر سنة. وتتضافر الروايات على ان عائشة دخلت بيت النبي وصارت زوجة له بعد الهجرة الى المدينة ( ودخل بها بالمدينة ) ( المنتظم ج5 ص302), وهذا يعني أن عمرها انذاك كان يقارب الاربعة عشرعاماَ فكيف تقول انها كانت بنت تسع سنين عند زوجها من النبي؟
 أورد ابن سعد , أن عائشة كانت متزوجة قبل زواجها من النبي  : (خطب رسول الله عائشة بنت أبي بكر ، فقال ابوبكر: إني كنت أعطيتها مطعماً لإبنه جبير فدعني حتى أسلها منهم ، فإستسلها منهم فطلقها فتزوجها رسول الله ).( الطبقات لابن سعد ج8 ص 59, المعجم الكبير للطبراني ج23 ص 26, الاصابة لابن حجر ج8ص17) تأمل الرواية  حين يقول : (فإستسلها منهم فطلقها!) يعني انها كانت متزوجة وليست مخطوبة, ولايبين هذا النص كم لها من العمر آنذاك عندما كانت متزوجة لجبير بن مطعم, فهل كانت متزوجة منه وهي طفلة؟
قال ابن الجوزي في عائشة
(كانت مسماة لجبير بن مطعم فلما خطبها رسول الله (ص) استلها أبو بكر منهم فزوجها رسول الله (ص) في شوال سنة عشر من النبوة ) (المنتظم لابن الجوزي ج5 ص302 ), ولم يدخل بها النبي إلا بعد الهجرة بأتفاق الروايات ومنها رواية البخاري التي تقدمت : (...... فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين!) ( كتاب صحيح البخاري ,باب تزويج النبي عائشة ),  لايهم ماتقوله عائشة  بأنها بنت تسع سنين,  فما يهم هو أن النبي دخل بها بعد الهجرة, و الهجرة الى المدينة كانت في السنة الثالث عشر للبعثة  بأتفاق أغلب المؤرخين. لنتذكر هذه الحقائق  ثم نمضي في البحث. 
لمعرفة سن عائشة يمكن مقارنة عمرها  مع عمر أختها أسماء بنت ابي بكر : قال الذهبي في اسماء (وكانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة. )وقال كذلك (كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر.  )( سير أعلام النبلاء للذهبي , ترجمة أسماء)
ويقول شارح البخاري في اسماء (ولدت (اسماء) قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة ) ( عمدة القاري في شرح البخاري ج2 ص93 للعيني المتوفى 855 هجرية) أي أن أسماء عند الهجرة كانت عمرها سبع وعشرين عاما , وبما أن الذهبي ذكر أن أسماء كانت تكبر عائشة بعشر سنوات كما تقدم , إذن يكون عمر عائشة يوم الهجرة أقل من عمر اختها بعشر سنوات وبما أن أختها كان لها من العمر سبع وعشرين عاما إذن يكون عمر عائشة يوم الهجرة 27-10= 17 سبعة عشر عاما!
إذن هذا يجعل من عمر عائشة سبعة عشر عاما على أقل تقدير حين زواجها من النبي . لكن عائشة تصر على صغر سنها عند زواجها من النبي وتصر على عذريتها وعدم زواجها سابقا وتتهافت ادعاءات صغر السن أمام الروايات التاريخية الاخرى التي تقدم ذكرها . إن كذبة صغر سن عائشة عند زواجها من النبي كان لتجميل صورتها وتصغير سنها , وفي ذلك هلل المحرفون وصفقوا ,حيث نالوا بتلك الكذبة تشويها كبيراً للنبي وأظهروه بمظهر الرجل الشهواني الذي يتزوج طفلة صغيرة لاتفقه شيئاً. لكن تلك الطفلة كما تدعي عائشة تفضح نفسها عند موت النبي في روايتها التي تقدمت عند رحيل النبي حيث لم تنسى عائشة أن تقحم صغر سنها في روايتها حول موت النبي فتقول : (من سفهي وحداثة سني!) وهي لها من العمر عشرون عاما حسب رواياتها ولها من العمر سبع وعشرون عاما حسب الروايات التي تقدمت , فمن أين اتت تلك السفاهة لامرأة بالغة. لقد بنى المستشرقون من روايات عائشة جبالاً من التشويه والحط لشخص النبي العظيم , ولازالت نتائج تلك الكذبة  تشوه النبي في كل آن, مرة برسم كاريكاتوري ومرة برواية  تصور شبق النبي لمضاجعة طفلة صغيرة!.

دفاع  عن النبي (ص)
أمام هذه التشويهات التي تقدم ذكرها وغيرها كثير, اسس المحرفون تراثا ممسوخاَ أدعوا فيه حصانة كتبهم عن التزوير وجعلوا تلك الحصانة حصانة مقدسة لايمكن المساس بها , وعندما يأتي من تهمه هذه الحقائق يصطدم بتراث ممسوخ لكنه محصن عن النقد والتمحيص. فمثلا جُعل كتاب البخاري في أحاديث النبي  أصح الكتب على الرغم من أحتوائه على روايات كثيرة تحط من مقام النبي وتشوه معالم الدين نفسه, ولاتجد طالبا من طلبة العلوم الدينية عند الجمهور إلا ينبري مدافعا عن صحة كتاب البخاري وقوة مسانده ثم لايلبث أن يغمض عينيه عن الفضائح والتشويهات بحق النبي الكريم , ولايجد سوى التسليم بها فالاساس عنده هو صحة الكتاب!  تقدم في فصل استمرار المؤامرة مَن الذي أمر البخاري بكتابة كتابه, إنه الخليفة المتوكل ذلك الذي كال لآل محمد وسجنهم ونفاهم ,وعودة الى سيرته الماجنة ترينا رجلا لم تهمه أمور هذا الدين بقدر أهتمامه بكرسي السلطة, لكن المسلمين أخذوا دينهم من المتوكل وحاشيته , وصارت سيرة النبي (ص) كما أراد لها المتوكل أن تكون وكما أراد لها البخاري وروات أحاديثه الذين أنتقاهم .
إن الحط من الانبياء وتشويه سيرتهم وقتلهم ومطاردة انصارهم المخلصين ليس بجديد على بني البشر , فقد فعل مثل ذلك اليهود والاقوام التي سبقتهم في حربهم لانبياءهم, إن المسلمين الذين يرتلون القرآن الكريم ويتغنون به ويتبارون في تجويده وضبط مخارج حروفه ويتشدقون بكلماته  يمرون على معانيه مر الصم البكم, فهذا الكتاب العظيم يروي قصص الانبياء السابقين ومالاقوا من هول أقوامهم , لكن المسلمين يمرون على ذلك بتغافل و يحصنون تاريخهم الدموي بتلفيقات أكاذيب وعاظ سلاطينهم ويقولون أنهم خير أمة أخرجت للناس وأنهم هم  أنصار النبي الامي محمد (ص) الخلصين ودعاة رسالته , بينما هم الذي كالوا له الكيل والشرور والمؤامرات فطاردوا أبناءه وقتلوا أحفاده , ومثلهم فعل اليهود من قبل فقتلوا أنبياءهم وشوهوا تراثهم ثم قالوا نحن شعب الله المختار .
إن خير مفند لأكاذيب المسلمين المتآمرين على النبي (ص) هم أحفاد النبي المظلومين, وفيما يلي كلمات ماء الذهب إن صار حبر لها لن يعادل ثمنها وبلاغتها , روى الصدوق في أماليه حديثا للأمام الصادق جعفر بن محمد حفيد الرسول الكريم , يفند الصادق فيه تخاريص المتآمرين المحرفين لدين جده المصطفى  :  
 (قال علقمة: فقلت للصادق(ع) : يا ابن رسول الله ، إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور وقد ضاقت بذلك صدورنا ! فقال: يا علقمة ، إن رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لاتضبط ! فكيف تَسْلَمُون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه(ع) ؟ ألم ينسبوا يوسف(ع) إلى أنه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب(ع) إلى أنه ابتلى بذنوبه؟  ألم ينسبوا داود(ع) إلى أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها، وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها ! ألم ينسبوا موسى(ع) إلى أنه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا ، وكان عند الله وجيها ؟ ألم ينسبوا جميع أنبياء الله(ع) إلى أنهم سَحَرَة طلبةُ الدنيا؟ألم ينسبوا مريم بنت عمران (ع) إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار إسمه يوسف؟
ألم ينسبوا نبينا محمداً(ص) إلى أنه شاعر مجنون ؟ ألم ينسبوه إلى أنه هويَ امرأة زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه؟!
 ألم ينسبوه يوم بدر إلى أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء،  حتى أظهره الله عز وجل على القطيفة وبرأ نبيه (ص) من الخيانة ، وأنزل بذلك في كتابه: ( وما كان لنبي أن يغل ومن يَغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة ) ألم ينسبوه إلى أنه ينطق عن الهوى في ابن عمه علي حتى كذبهم الله عز وجل فقال سبحانه: ( وما ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى)
 ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله إنه رسول من الله إليهم ، حتى أنزل الله عز وجل عليه: (ولقد كُذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا)
 ولقد قال يوماً:عرج بي البارحة إلى السماء.فقيل والله ما فارق فراشه طول ليلته!
وما قالوا في الأوصياء(ع) أكثر من ذلك ، ألم ينسبوا سيد الأوصياء (علي بن أبي طالب ) إلى أنه كان يطلب الدنيا والملك ، وأنه كان يؤثر الفتنة على السكون ، وأنه يسفك دماء المسلمين بغير حلها ، وأنه لو كان فيه خير ما أمر خالد بن الوليد بضرب عنقه؟  ألم ينسبوه إلى أنه أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة(ع) وأن رسول الله(ص)  شكاه على المنبر إلى المسلمين فقال: إن علياً يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة نبي الله ، ألا إن فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ، ومن سرها فقد سرني ، ومن غاظها فقد غاظني؟
 ثم قال الصادق(ع) : يا علقمة ، ما أعجب أقاويل الناس في علي(ع) ! كم بين من يقول: إنه رب معبود ، وبين من يقول: إنه عبد عاص للمعبود ! ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من ينسبه إلى الربوبية .
 يا علقمة ، ألم يقولوا لله عز وجل: إنه ثالث ثلاثة؟ ألم يشبهوه بخلقه؟ ألم يقولوا  إنه الدهر؟ ألم يقولوا إنه الفلك ؟ ألم يقولوا إنه جسم ؟ ألم يقولوا إنه صورة ؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
 يا علقمة ، إن الألسنة التي تتناول ذات الله تعالى ذكره بما لا يليق بذاته ، كيف تحبس عن تناولكم بما تكرهونه ! فـ ( استعينوا بالله واصبوا إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) فإن بني إسرائيل قالوا لموسى(ع) : ( أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا) فقال الله عز وجل: قل لهم يا موسى: ( عسى ربكم أن يُهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون).( الأمالي للصدوق ص164)




انتهى الفصل ويليه الفصل الرابع عشر و الاخير
رحيل النبي وفاة أم أغتيال
http://marwan1433.blogspot.ca/2013/10/14.html